م. بدر بن ناصر الحمدان
أنا وجلّ أبناء جيلي قادمون من حقبة ذات «صراع أيديولوجي» اجتماعي وإداري وثقافي كان له انعكاسه المباشر على كل مفردات حياتنا، دفعنا ثمنه على هيئة مرحلة من العمر مرّت في فترة رمادية، لا أثر لها، خسرنا خلالها الكثير من المكتسبات المستحقة، والتي ما كانت لتضيع لولا ذلك الصراع الذي كان وراء الإجهاز على كثير من تلك الآمال والطموحات، جزء كبير من رحلة البدايات التي خضناها تم تدميره «سريرياً» دون أن ندري، حتى وصلنا لنقطة انطلاق مختلفة.
قرارات الإصلاح، ومشهد التحوّل المؤسسي المرن والجريء والسريع على مستوى الأجهزة الإدارية الذي تشهده المملكة اليوم، وإطلاق المشاريع والمبادرات، وما ارتبط بها من منظومة تغيير غير مسبوق في تاريخ الدولة السعودية، أسهمت وبشكل رئيس في الارتقاء بحياة الناس، ونمط عيشهم، ووصولاً إلى تطوير عقلية إدارة التنمية الشاملة بكل قطاعاتها المختلفة - دون استثناء -.
ذلك الحراك، منحنا مساحة من الإقدام، ودفع بنا إلى التفكير بطريقة أكثر انفتاحاً على آفاق ما كُنّا نجرؤ حتى بطرحها في أروقة التنظير، لا لشيء سوى أن دورة حياة القرار لم تكن بهذه الوتيرة المُنجِزة التي هي عليه الآن، لقد أصبح كل شيء ممكناً وقابلاً للنقاش بل الذهاب به إلى أبعد مدى يمكن أن نتخيله.
لقد هرمنا من أجل أن نكون على بعد هذه المسافة القصيرة جداً مما يحدث اليوم من اندماج مع المستقبل، وتمكين للمجتمع من إعادة اكتشاف نفسه واستثمار مقوماته وطاقاته وتوظيف قدراته عبر كل هذه المنافذ التي تم تأسيسها احتراماً للإنسان السعودي وخياراته واستحقاقاته، وتقديراً لقيمه ومبادئه، وأسلوب الحياة الذي يليق به وبتطلعاته، وكونه جزءاً من تنافسية هذا العالم.
عربة التاريخ ستبرهن بأننا أكثر حظاً حين تمكنا من اللحاق بهذا الفترة المُختلفة فيما تبقى لنا من عمر، لنعوض كل ما فاتنا ولم نتمكن من تحقيقه في وقت مضى، لا أحد يمكنه لومنا نحن الجيل الذي عايش ذلك الصراع الأيديولوجي بكل تفاصيله حينما ننظر لعرّاب هذا التحوّل الكبير الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله- على أنه «المُلْهِم» الذي قادنا إلى أعتاب مرحلة من التغيير قد لا تتكرر كثيراً.
نحن مدينون له بحجم كل ذلك الحب والاحترام والتقدير المتبادل بين جيلنا وبين الرجل الأكثر تأثيراً.