أكثر من 4 آلاف طالبة (بحسب إحصاءات الإدارة العامة للتعليم في منطقة الحدود الشمالية) يمارسن حقهن في التعليم في المنطقة لهذا العام 1442هـ، وتعود الذكريات إلى تلك السيدة الفاضلة (هناء بنت محمد عبد القادر المغربي) التي خصصت جزءا من منزلها في عرعر للتطوع لتعليم الفتيات مبادئ القراءة والكتابة، وكان عدد المتقدمات وقتذاك حوالي (35) طالبة، وقد نجحت هذه الجهود التطوعية التي قامت بها تلك المرأة في تشكيل الصورة الأولى لتعليم المرأة في منطقة الحدود الشمالية، وقد تم ضم مدرستها التطوعية رسمياً لرئاسة تعليم البنات في العام 1382هـ، بعد تقييم جهودها تلك من قبل لجان تابعة للرئاسة العامة لتعليم البنات، كما تم تعيينها مديرة للمدرسة كأول مديرة مدرسة بنات في المنطقة.
ولم تتوقف الجهود التطوعية منذ ذلك الوقت والتي ساهمت في دعم الجهود الرسمية لتعليم البنات في المنطقة، ومن أبرز المبادرات التطوعية التي حملتها المرأة الشمالية على عاتقها وفاءً لوطنها ولمجتمعها مبادرة (سفراء التعليم المستمر)، وهي مبادرة فرضتها ظروف جائحة كورونا وما صاحبها من إغلاق مؤقت لمؤسسات تعليم الكبار، فكانت ضرورة البحث عن بدائل تعليمية تستهدف 6593 من الإناث الأميات في منطقة الحدود الشمالية مترامية الأطراف، والتي تحتل الأمية فيها ما نسبته 3.15 في المئة من الذكور والإناث، فجاءت هذه المبادرة لمحو أمية هذا العدد الضخم الذي يتوزع على رقعة جغرافية كبيرة تحتل مساحة 127.000 ألف كم2، وفيها ثلاث محافظات وعدد من القرى والمراكز، وستكون هذه المبادرة التعليمية عن طريق التعليم عن بعد، وذلك بعد حصر الأميين والمتسربين في المنطقة وتقديم تعليم نوعي يسهم في التنمية المستدامة والوصول إلى الأميات في أماكن تواجدهن، لتقديم فرص التعلم مدى الحياة وفقاً لرؤية 2030 وأهدافها الاستراتيجية التي حرصت على مبدأ التعليم الشامل والمنصف لجميع فئات المجتمع. وذلك من أجل محاربة الأمية القرائية والحسابية وتوفير سبل مواصلة التعليم خارج النظام التعليمي، ونشر ثقافة التعليم الإلكتروني، ورفع مستوى المشاركة المجتمعية.
وبالنظر إلى آلية هذه المبادرة التطوعية واللجان المشكلة نثق بأننا أمام عمل ضخم ومهم يُدار بطريقة علمية، ويشرف عليها رئيس الهرم التعليمي في المنطقة وأعضاء إدارته ومكاتب التعليم في المحافظات والمدارس التابعة لتعليم الكبيرات وعدد كبير من المشرفين والمشرفات التربويات والمعلمين والمعلمات. كما تقف خلف هذه الفكرة وهذا الجهد التطوعي الضخم الأستاذة علياء بنت نافع الرويلي (مديرة إدارة التعليم المستمر في الإدارة العامة للتعليم في منطقة الحدود الشمالية)، والتي نجحت في بلورة الفكرة إلى واقع ملموس، ونجحت أيضاً في حشد فريق عمل على مستويات مختلفة ستسهم في نجاح المبادرة التي ستكون على مدى عام دراسي كامل، كما شارك في صياغتها العلمية بكل اقتدار الخبير التربوي الأستاذ عبد الله الجعيثن (أمانة التعليم بالمنطقة) الذي وضع خطوطها الأولى وتوصيفها العلمي وخطتها التنفيذية، وهو الذي كانت له إسهامات تربوية ومجتمعية لاقت نجاحاً منقطع النظير، مما جعل وجود اسمه في أية مبادرة كفيل بنجاحها بحول الله.
وستخضع هذه المبادرة -باعتبارها من المبادرات التنموية للمنطقة- بمتابعة مركز أداء (المركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة) والذي يتبع لرئيس مجلس الوزراء ويرأس مجلس إدارته صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود (ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع).
تحية لهذه الجهود التطوعية الرائعة التي تعكس مدى ما تتمتع به المرأة الشمالية من حس وطني ورغبة ملحة لنشر التعليم ومحاربة الأمية بأنواعها المختلفة.
بقي الدور الأكبر على الأسرة للاستفادة من هذه المبادرة التي قدمت لهم التعليم المجاني في منازلهم على طبق من ذهب.