فلسطين هي نقطة الصفر، نقطة المركز، وكلمة السر في الحرب وفي السلام، في معادلات العالم القديم والجديد، فلسطين بيت القصيد والنشيد في الشرق الأوسط الكبير أو الصغير، فلسطين على مرِّ التاريخ هدفٌ لذاتها، وهدفٌ لما تمثله لغيرها.
فلسطين منطق الحقيقة الحاضرة الغائبة، ولسان الواقع والتاريخ والأيديولوجيا والمثولوجيا، فلسطين هي التي يمتزج فيها نسيج العالم الثقافي والسياسي والاقتصادي، فلسطين حالة خاصة جداً ليس كمثلها شيء.
مسيرة طويلة من الغياب والتغييب استهدفت فلسطين الأرض والشعب والسلطة أي عناصر الدولة الثلاثة، استهدفها المشروع الصهيوني، لكن مسيرة الكفاح والنضال للشعب الفلسطيني قد كسرت هذا الغياب والتغييب، فكانت فلسطين حاضرة عصية على الغياب والتغييب، وبقي شعبها عصياً على الذوبان كما هو عصي على الانكسار يمتلك إرادة حرة غير قابلة للخنوع والإذعان، بقيت مقدساتها الإسلامية والمسيحية شامخة تعلن هوية فلسطين العربية الإسلامية والمسيحية، هكذا واصل الإنسان الفلسطيني تمسكه بأرضه ووطنه وهويته وثقافته وكافة حقوقه المشروعة في وطنه فلسطين فحال دون الغياب، ومع انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة على يد قوات العاصفة ورجال الفتح في الأول من يناير 1965م بدأت مراكمة الإنجازات، لتبدأ فلسطين مسيرة العودة نحو فلسطين، ومسيرة العودة إلى الخارطة السياسية العربية والدولية، وإلى الجغرافيا الشرق أوسطية، رقماً صعباً عصياً على التجاوز والإنكار، وعصياً على الإهمال، وراكم النضال الوطني الفلسطيني الإنجاز تلو الإنجاز في مسيرة نضال شاقة وطويلة قدم فيها الشعب الفلسطيني التضحيات الجسام في الوطن وفي الشتات سعياً للوصول إلى تحقيق أهدافه المشروعة وتمكينه من ممارسة كافة حقوقه المشروعة في العودة إلى وطنه والحرية والمساواة، وتقرير المصير، وإقامة الدولة المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف.
فلسطين اليوم تمرّ بلحظة تاريخية حاسمة في سياق نضالها الطويل ومراكمة الإنجازات فالمعركة الدبلوماسية التي تخوضها فلسطين اليوم حامية الوطيس مع المشروع الصهيوني وحلفائه الذين ما زالوا ينكرون على فلسطين وشعبها حقوقهم المشروعة ويسعون لاستمرار اغتصاب وتغييب هذه الحقوق الطبيعية والمشروعة مستغلين حالة الضعف والتفكك العربي...!
لكن الإرادة الحرة والصلبة، والصمود الذي تحلى به الشعب الفلسطيني على مدى سنوات نضاله الطويل، وتتحلى به قيادته الشرعية، وما أظهرته القيادة الفلسطينية من حنكة وحكمة وصبر وصلابة قلَّ نظيرها في إدارة ملف هذه المواجهة الشرسة مع إدارة الرئيس ترامب، وإدارة الصراع على كل المستويات الإقليمية والدولية، وتحدي كافة الضغوط، المباشرة وغير المباشرة، من الصغار والكبار على السواء، لم ولن تثني القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني عن خوض هذه المواجهة حتى تنتزع الحقوق وتسترد الكرامة المسلوبة.
العالم اليوم عليه أن يختار ما بين استمرار الظلم والعدوان والعنصرية والاحتلال والفاشية وما بين إنجاز الحرية والمساواة والاستقلال للشعب الفلسطيني والعدل والأمن والسلام للمنطقة وللعالم أجمع.
** **
E-mail: pcommety @ hotmail.com