رقية سليمان الهويريني
لك أن تتخيل انعقاد قمة (مجموعة العشرين G20) السياسية الاقتصادية في بلد كان يقع في صحراء قاحلة يتناثر سكانها في أرجاء العالم طلباً للعيش قبل التوحيد السياسي!
وليذهب بك الخيال بعيداً حين يعود بك الزمن عدة عقود لترى سكان هذه البلاد الحبيبة وهم في شظف من العيش تتناوشهم القبلية المقيتة وحالات مأساوية من الغارات بين القبائل يتخللها القتل والسبي والسرقة، بدافع الجوع حيناً، وأحياناً بسبب افتقاد النظام، فليس ثمة قانون يحكم غير مبدأ (الغلبة للأقوى)!
وقد صاغت حكومتنا الرشيدة هذا المبدأ بطريقة حضارية حين أصرت أن تقتحم تلك المجموعة القوية وتكون أحدها، وواسطة عقدها! فلم تكتف بالحضور والمشاركة، بيد أنها زاحمت لتحمل المفاتيح الخاصة بإقفال الملفات الاقتصادية المؤصدة! وهي حين تنافس في هذا المضمار فلأنها ترى الفرصة مؤاتية لإبراز قدراتها السياسية الطموحة ومقدراتها الاقتصادية الفاعلة على قيادة العالم عبر خطط وسياسات اقتصادية تنموية مستدامة باستطاعتها التعامل مع كافة المستجدات من خلال إيجاد الحلول الواقعية للقضايا ذات الصفة الملحة للقرن الحادي والعشرين.
ولئن كانت القمة ستتناول القضايا الاقتصادية بشكل خاص؛ فإن رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تتخطى هذه الجزئية لتعالج المسائل الاجتماعية والتنموية والصحية، ومن ضمنها مكافحة الفيروسات في مهدها وإيجاد اللقاحات المناسبة، والتغير المناخي والأمن الغذائي والمائي والطاقة ومكافحة الفساد والزراعة والبيئة والتجارة والاستثمار والاقتصاد الرقمي وخدمات الروبوتات والبيانات الضخمة، والتعليم والسياحة والتنمية والعمل.
إن سعي المملكة وتعاونها في تحقيق أهداف الشركاء بالمجموعة وجهودها الملوسة لتحقيق إنجازات غير مسبوقة عالميًا؛ تؤكد التزام حكومتنا باغتنام الفرصة للتصدي لتحديات المستقبل، كما أشار لذلك سمو ولي العهد في كلمته أثناء القمة السابقة. ولأن المملكة هي الدولة العربية الأولى التي ينعقد بها هذا الحدث الأكبر منذ إنشائها، فهو يبرز الدور المحوري والقيادي الإقليمي والدولي على الصعيدين السياسي والاقتصادي.
والحكومة السعودية وهي تدير عجلة التحول الوطني ضمن رؤية 2030 التي تشمل إصلاحات اقتصادية ومجتمعية كبيرة ممهورة بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال وتقليم أظافر الفساد؛ فهي تضطلع بمهمة قيادة المجموعة بثقة واقتدار، وستبهر العالم بالتفرد حين الخروج بنتائج تصب في بحر التنمية المستدامة، وهو هدف حكومات الدول المتحضرة ومنشود شعوبها.