خالد بن حمد المالك
ليست المملكة ضمن العشرين دولة الكبار على مستوى العالم فحسب، وإنما هي ترأس ورئيسة هذه الدول في القمة الافتراضية لمجموعة العشرين في الرياض، وهو حدث كبير لا يمكن إغفال أهميته، ولا الهروب من تقييمه وفهمه واستيعابه، فمثل هذا الحدث يعطي مؤشراً على مكانة المملكة، ويرسل رسالة للمحبين والكارهين على أن مكان المملكة بين الكبار، ومع الكبار، ترسم مع الكبار مستقبل العالم، في كل الميادين، وفي جميع المجالات.
* *
وعلى مدى عام مضى، كانت المملكة أشبه بخلية نحل، عمل لا يتوقف، ولجان تواصل الليل بالنهار تحضيراً لهذه القمة التي لا يوجد للعرب ممثلاً عنهم سوى الدولة الأكبر والأعظم والأهم، وهي المملكة العربية السعودية، باقتصادها القوي، وسياستها المعتدلة، وعلاقاتها الدولية الممتازة، وموقعها الإستراتيجي، ومكانتها الدينية والروحية، بما أهَّلها لأن تكون بلا منافس الدولة العربية الوحيدة بين الكبار.
* *
تتميز المملكة بوجود الحرمين الشريفين، وأنها قبلة المسلمين في هذا الكون، وتتمتع باقتصاد قوي يسنده ويدعمه ما حباها الله من ثروة نفطية هائلة، إنتاجاً وتصديراً واحتياطياً، حيث تعتمد عليه الصناعات في العالم، فضلاً عن أنها دولة مستقرة وآمنة، وملتزمة بالمواثيق الدولية، وفي التعاملات الثنائية، وبالتالي فهي دولة يُوَثق بها، ويُعتمد عليها، وتحرص الدول على بناء صداقات وشراكات معها.
* *
والقمة التي ستُعقد بالرياض افتراضياً، ويحضرها رؤساء أكبر دول العالم، وإلى جانبهم ممثلو المنظمات الدولية المهمة، سيجدون في الملفات التي حضَّرتها المملكة لمعالجة التحديات التي تواجهها أو ستواجهها دول العالم بعد إقراره ما يكفي لطمأنة دول وشعوب العالم على أن هناك استشرافًا للمستقبل، وقراءات مسبقة لما يمكن أن يكون عليه الحال في دول العالم، وأن الاهتمام بالتحديات لا يقتصر على دول مجموعة العشرين، ولا على الدول الكبرى في العالم خارج مجموعة العشرين، وإنما هناك اهتمام بالدول الأكثر فقراً، والشعوب التي تعاني كثيراً من الأزمات المختلفة.
* *
تأتي أهمية مشاركة قادة من جميع القارات، وتحديداً ممن يمثلون دولاً متقدمة وأخرى نامية في قمة الرياض، من أن الدول الأعضاء في مجموعة العشرين تمثل نحو 80 % من الناتج الاقتصادي العالمي، وثلثي سكان العالم، وثلاثة أرباع حجم التجارة العالمية، ويجتمعون غدًا بحضور منظمات دولية، وأخرى إقليمية، لمناقشة القضايا المالية والاجتماعية والاقتصادية، وسوف تؤدي المملكة بوصفها دولة الرئاسة الحالية دوراً قيادياً في إعداد برنامج الرئاسة، وفي تنظيم قمة القادة.
* *
هناك اجتماعات مهمة ضمت الوزراء، وكبار المسؤولين، وممثلين عن المجتمع المدني، وعلى مستوى الحكومات، خلال الفترة التي تسبق عقد القمة المقرر غداً السبت وبعد غد الأحد، استضافتها المملكة، وتمحور العمل فيها حول المسار المالي، ومسار الشربا، بينما تم تمثيل المجتمع المدني من خلال مجموعات التواصل، وقد ركَّز جدول أعمال المؤتمر على النقاشات، والمنتديات، ومجموعات العمل، واجتماعات الوزراء.
* *
العالم إذًا أمام حدث عالمي، والرياض ستكون في عين العالم، تنتظر إشعاعاتها، تتوقع انطلاق بداية التصحيح والمواجهة أمام التحديات، بما سوف يسهم في رخاء وازدهار دول العالم وشعوبها، وضمن التوقعات فإن عقد قمة مجموعة العشرين بالمملكة سوف يسهم في التغلب على كثير من العقبات التي لم تجد لها حلولاً في القمم السابقة، وأن الملفات التي سوف يتم إقرارها وإنجازها في قمة الرياض سوف تسهل على القمة القادمة الأخذ بمبادرات جديدة امتداداً لما تم إقراره في قمة الرياض، دون أي عقبات تُذكر.
* *
وما نحن ننتظره، ونتوقعه، ونتمناه، أن يصاحب عقد قمة الرياض ونجاحها في زمن جائحة كورونا، وإقرار انعقاده افتراضياً وعن بُعد، أن هذا التحدي وقد كان مفاجئاً، يقابله أن النجاح المنتظر والمتوقع سيكون كبيراً، ولن تؤثر فيه هذه الجائحة، كما لن تحد من نجاحه كون القمة تتم عن بُعد.