تمر الأعوام وتتعاقب السنون لتحل علينا نفحات ذكرى عزيزة وغالية يتجسد فيها ويتجلى حب الملك لشعبه ووفاؤه لهم، ألا وهي الذكرى السادسة لبيعة الملك سلمان بن عبد العزيز ملكًا للمملكة العربية السعودية، وهي المناسبة ذات الأثر الكبير في نفوس الشعب السعودي لأنها شكلت تحولات كبيرة ومنجزات وطنية عظيمة تحققت على يديه، حيث استطاع بحكمته وبصيرته العبور بسفينة الوطن لبر الأمان محققاً طفرات تنموية كبيرة ومكانة تاريخية للمملكة عربياً وإقليمياً وعالمياً.
إن ما تفخر به بلادنا عبر تاريخها، هو ذلك التعاضد والتعاون بين القيادة والشعب، والذي نراه في كل لقاء من لقاءات الخير لملكنا المفدى، هذا التعاضد الذي كان مثار إعجاب الجميع، وهو ما نعده صمام أمان لهذا البلد، وسبيل الحفاظ على منجزاته، فالشعب السعودي له مكانة كبيرة لدى قيادته، التي تحرص تلمس حاجات المواطنين وتسعى إلى تحقيق كل ما فيه الخير والرخاء لهم، والشعب -ولله الحمد- يكن لقيادته كل حب وتقدير، ويدرك حرص هذه القيادة على مصالحه.
وقد شهدت المملكة منذ مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- المزيد من المنجزات التنموية العملاقة على امتداد مساحاتها ومدنها في مختلف القطاعات الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية والنقل والمواصلات والصناعة والكهرباء والمياه والزراعة، وتشكل في مجملها إنجازات جليلة تميزت بالشمولية والتكامل في بناء الوطن وتنميته؛ ما يضعها في رقم جديد بين دول العالم المتقدمة، ويحفر قائدها اسمه من أهم الشخصيات المؤثرة عالمياً في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
فقطاع التعليم شهد الكثير من القرارات والأوامر الملكية التي تضعه على الطريق السليم، ومنها إصدار أمر ملكي بضم المبتعثين بالخارج على نفقتهم الخاصة إلى برنامج خادم الحرمين الشريفين للبعثات الخارجية، كما أطلق خادم الحرمين العديد من المبادرات النوعية لتطوير التعليم الجامعي، وإطلاق برنامج «وظيفتك وبعثتك» للابتعاث لأهم الجامعات بالدول المتقدمة، وتوفير وظائف للمبتعثين بعد عودتهم.
كما كانت هناك نقلة نوعية كبيرة باستثمار التقنية في تطوير التعليم، وذلك من خلال طرق مختلفة، منها نشر تطبيقات التعلم الإلكتروني، والتعلم عن بُعد الذي حققت فيه المملكة مكانة كبيرة بين الدول، وتغلبت به على الظروف التي خلفتها جائحة كورونا ليتحول التعليم في المملكة إلكترونياً وعن بعد لجميع الطلاب حفاظًا عليهم وحرصًا على مستقبلهم، كما تم تطوير مراكز البحث العلمي في الجامعات والمنشآت التعليمية؛ بزيادة مساحتها وقدرتها الاستيعابية، وتلبية متطلبات العملية التعليمية بها لتحسين أدائها العام.
وفي عهد سلمان الخير احتفظت المملكة بمكانتها المتقدمة بين مصاف الدول، ونافست الدول الكبرى في الكثير من الميادين الاقتصادية والعلمية والثقافية، وصارت قبلة لكبار القادة والساسة وأهل المال والاقتصاد وعمالقة الثقافة والفنون، واستعدت المملكة ببنية تحتية لتكون من أكبر المراكز الاقتصادية والثقافية والسياحية في العالم بمشروعات عملاقة تحولها من الاعتماد على النفط إلى تنوع مصادر الدخل وتفتح آفاقاً واسعة من العمل والتوظيف لأبناء الوطن، ضمن رؤية 2030 وبرنامج التحول الوطني 2020 اللذَيْن يقودهما سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وتجلت مكانة المملكة العربية السعودية في استعداداتها لاستضافة ورئاسة قمة مجموعة العشرين خلال هذا الشهر نظرًا لدورها الكبير ومكانتها السامية بين الدول الكبرى التي تنظر للمملكة كقوة إقليمية فاعلة ومؤثرة وسط المجتمع الدولي، وكذلك تجربتها الفريدة والناجحة في التصدي لجائحة كورونا طبياً واقتصادياً واجتماعياً، وقدرتها العالية على احتواء هذا الوباء الذي ضرب العالم أجمع وكان للمملكة وقرارات قيادتها الرشيدة الدور المؤثر في الخروج من الأزمة بأقل الخسائر لتسجل المملكة أقل معدلات الإصابة والوفيات عالمياً.
إن ذكرى البيعة السادسة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله ورعاه- فرصة عظيمة لكل أبناء الوطن لنجدد البيعة والولاء والعهد والوفاء لقائد مسيرتنا وباني نهضتنا الحديثة، ونعاهده على أن نحافظ على أمن وطننا وأمانه وخيره ورخائه، قاطعين العهد والعزم على أن نعمل بكل جهد لرفعة شأن الوطن ونقوي جبهتنا الداخلية ونتصدى لكل متربص بالوطن وقياداته وأبنائه.
** **
- د. عبد الرحمن بن سعد الحقباني