عبد الاله بن سعود السعدون
كل عربي أين ما كان موطنه لابد وأن يستذكر دوماً مأساة اغتصاب السيادة الوطنية لإمارة عربية خليجية عمرها مع الفتح الإسلامي ونشر الدعوة المحمدية لمنطقة الخليج العربي. فقد استطاع القائد الإسلامي عتبة بن غزوان توجيه بعض قواته لعبور شط العرب وفتح منطقة الأحواز وطرد جيش هرمز الفارسي من أراضيها، وتمت السيطرة لقبائل بني تميم للوصول للسلطة وشكل ذلك بداية عروبة أرض الأحواز ودخولها المحيط الإسلامي، وتوالى الحكم العربي حتى أعانت الدولة المشعشعية في القرن الرابع عشر وكان لها الدور الكبير في صد الهجمات الفارسية الصفوية عن بغداد الرشيد ودخلت مع ولاية البصرة بتحالف مصيري مستمر ضد الأطماع الصفوية المستمرة.
ومع إعلان دولة بني كعب في إمارة الأحواز وبجغرافية واسعة تبدأ من مضيق هرمز حتى التقاء دجلة والفرات في شط العرب واتصفت بالثراء والقوة العسكرية في الخليج العربي حتى أن بعض المستشرقين كانوا يميزونها بالقوة والمنعة أكثر من طهران المحتلة آنذاك من الروس والإنجليز.
ومع بداية الحرب العالمية الأولى 1914- 1918م اصطف الأمير خزعل بن مرداد الكعبي بجانب الحلفاء كباقي أنصارهم من العرب الذين انخدعوا بوعودهم في تكوين الدولة العربية الموحدة بعد خلاصهم من الدولة العثمانية الإسلامية حتى أن السير برسي كوكس الحاكم البريطاني في الخليج العربي كلف مساعدته مسزز بيل بالايعاز للأمير خزعل بالترشيح لعرش العراق اثر تولي الشاه الجديد محمد عرش إيران بعد انسحاب الروس من الأراضي الفارسية ولظهور البترول في منطقة عبادان في الأحواز بدأت اللعبة الاستعماري البريطانية بالظهور أثر ممانعة الأمير خزعل المعبي فرض الشركة البريطانية (bp) لانتاج بترول عبادان ولم يقبل بشروط العقد التف البريطانيون نحو محمد شاه وأوعزوا له باحتلال الأحواز بحيلة قذرة حيث دعاه قائد البارجة البريطاني الراسية بالساحل الأحوازي لمأدبة عشاء ومعه ولي عهده وبعد حضورهما تحركت نحو باب المندب ومن ثم نقلا إلى طهران أسيران وسجنا في قلعة طهران وتمت تصفيتهما بالسم بعد سنين أسر مؤلمة.
ودخلت الجيوش الفارسية إمارة الأحواز العربية في منتصف نيسان أبريل من عام 1925م سالبة السيادة والحق العربي على أكبر إمارة خليجية عربية آنذاك.
وبعد سقوط عهد الشاه محمد رضا بهلوي استبشر أهلنا العرب في الأحواز بالخلاص من بطش وتعذيب السافاك ورجال البوليس السياسي واعتقادهم بالخلاص وبدء عهد وطني جديد يتنفس الشعب معه نسائم الحق والعدالة والسلام وتشكل وفداً ثلاثينياً من وجهاء وزعماء القبائل العربية في الأحواز بتوجيه من المرجع الديني الشيخ عيسى الخاقاني للتوجه إلى طهران وعرض مطالب المكون العربي على رئيس الوزراء البازركان أولاً ومن ثم للسيد الخميني قائد الثورة آنذاك وفي كلا الاجتماعين حصدوا السراب لنفس الوعود المطاطة التي سمعها أعضاء الوفد في طهران وقم، وقد كانت مطالبهم آنذاك عادلة ومعقولة وسهلة التنفيذ وتتلخص في المساواة في التعامل الحكومي بمستوى واحد والمحافظة على عروبة وانتماء القبائل العربية، وأن يؤكد ذلك في الدستور الجديد وقد لخصها الشيخ الخاقاني رحمه الله برسالة مكتوبة موقعة من أعيان الأحواز العربية.
وعاش الوفد العربي في دوامة من التسويف الإيراني من مكتب الخميني والحوزة في قم ورئاسة الحكومة ومسكوا الوفد حزمة من الوعود المغرية والتي لم تكن سوى سراب بعيد ظهرت نوعيته حين فرض التقسيمات الإدارية لمنطقة الأحواز وتغيير أسمائها بوضع رموز العهد الخميني بدلها والتضييق على أهلنا العرب بمنع المحادثة باللغة العربية ورفض تسمية أبنائهم بجذورهم العربية وبداية مرحلة التغيير الديموغرافي بتوطين عوائل فارسية من الشمال في الأحواز وتمليكهم أراضي زراعية وتوظيفهم في المؤسسات الحكومية وتهجير العرب الأحوازين لشمال إيران وأذابتهم مع الفرس بتلك المناطق.
وتفاجأ الوفد بالارتداد عن كل الوعود التي قدمها مكتب الخميني وبزركان وبدأ التغير لثورة الخميني باستبدال التاج الشاهنشهاي بالعمة السوداء لملالي طهران وقم وتحول أجهزة الاستخبارات السافاك إلى اطلاعات وبنفس صنوف التعذيب والاغتيال والإعدام على أعمدة الكهرباء لكل معارض لإجراءات وتعاليم ثورة الخميني واختير الجنرال المدني سفاح الأحواز حاكماً عسكرياً الذي استهدف كل النشطاء العرب في مجزرة إجرامية وحشية سميت بالأربعاء الأسود، وبعد فشل الجنرال المدني هذا في انتخابات رئاسة الجمهورية هرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية لكشف عمالته للمخابرات الأمريكية بملفات السفارة الأمريكية في طهران حين اجتياحها من قوات الحرس الثوري.
وتوالى البطش والتنكيل بكل القوى الثورية الوطنية المطالبة بالاستقلال عن طهران وتأكيد السيادة الوطنية وتسخير ثروة الأحواز البترولية والزراعية والتي تشكل 70 % من الدخل الوطني الإيراني والذي يعرف تاريخ وجغراية تضاريسها يدرك مدى تكامل وتشابه الحياة مع أشقائه في البصرة وباقي المجتمعات العربية في الخليج العربي، وتطابق جيوسياسي مع محيطه العربي الخليجي فمن النظرة الأولى للمجتمع العربي الأحوازي تظهر عوامل كثيرة لهذا التطابق الخليجي ابتداءً من المجتمع البصري ومعه كل دول الخليج العربي فالعادات والتقاليد العربية والجغرافية الاقتصادية والوضع الديموغرافي متطابق، فمعظم العشائر العربية (بنو تميم وبنو كعب والشريفات وبنو خيقان وطي وبنو خالد والبو ناصر) وغيرهم في الأحواز لها جذور مع قبائل المنتفك والجزيرة العربية.
وإيران الثورة وطموحها التوسعي لم يتغير منذ عهد الخميني حتى عهد الخامئني الحالي فمعظم المسئولين في الحرس الثوري ومكتب المرشد الخامئني يؤكدون دوماً سيطرتهم على أربع عواصم عربية بدءاً من بغداد الرشيد ودمشق الشام وبيروت وصنعاء يرددون دوماً في خطب الجمعة بأن الجوار العربي أرض فارسية تم استعادتها للدولة الإيرانية مستغلين اخواننا من الشيعة لتمرير مشاريعهم التوسعية القومية والبعيدة كل البعد عن التشييع المذهبي فهم يمارسون أقسى أنواع البطش والتنكيل لكل من يعارض استعمارهم للأرض العربية في العراق الصابر وسوريا المستباحة ولبنان واليمن المضللين.
والذي يتابع تاريخ المليشيا الحوثية ليجد انها المثل الحقيقي لتضليل أبناء الطائفة وقادتها من عملاء وسماسرة الوجود الإيراني الذي تسلل لأرض اليمن كأفعى رقطاء بثت سمومها في جسد الشعب اليمني لتجعله جسراً خبيثاً لأطماعها في كل أرض، وكانت عاصفة الحزم المباركة التي رفع رايتها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز نصره الله وأشقاءه في دولة الإمارات العربية ومعهم دول التحالف العربي بوقفة الرجل العربي الواحد لدحر النفوذ والأطماع الإيرانية في جزيرتنا العربية وقطع رأس الحية الرقطاء الحوثية ونصرة الشرعية السيادية في اليمن الشقيق ورد الحق لأصحابه وبإذن الله ونصرته لجند الحق سيندحر العدو الحوثي ومن يسيره من عملاء حزب الله والحرس الثوري الإيراني المحتل لأرض اليمن العربي.
إن توحد كل فصول القوى العربية الوطنية في الأحواز وسوريا و لبنان والعراق ضد الاستعمار الإيراني المباشر وبالوكالة من قبل عملائه وجواسيسه الناطقين باللغة العربية وهويتهم وهواهم إيراني يعطي زخماً عسكرياً وسياسياً وجغرافياً لقرب الخلاص من السيطرة الإيرانية المتغلغلة في جميع المؤسسات الرسمية في بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء لابد من وقفة سياسية ودبلوماسية واقتصادية داعمة لشعوبنا العربية المطوقة بسلاسل النفوذ الإيراني ويقرب يوم الخلاص من الوجود الإيراني بكل أشكاله وعودة السيادة الوطنية تحت مظلة المواطنة وإعلان دستور يركز الحكم الوطني لأهله ومعه يتمتع أبناء شعوب تلك الدول بثرواتهم الطبيعية المسلوبة بفساد عملاء ايران وذلك بإعلان النهاية لمسرحية الولي الفقيه وتعود إعلام الاستقلال ترفرف من جديد على عواصمنا العربية صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت والأحواز بمظلة السيادة والقرار الوطني.