د. صالح بن سعد اللحيدان
يسهل على المرء أن يتكئ على الأريكة فيكتب كيف شاء.. ويسهل عليه كذلك أن يكثر من الكتابة عن العلم والتاريخ والفقه والأصول والسياسة إلخ.. وقد يتلقفه جلة من الناس فيعجبون بما يكتب ويهللون، ولكن قلة قليلة جداً لن يفعلوا ذلك، بل هم يتحسرون على ضياع القلم بين أنامل مثل هذا وذاك.
فحينما حينما ألف أبو الفرج كتابه: (الأغاني) وألف المسعودي كتابه: (مروج الذهب) وحينما ألف الثعالبي: (خاص الخاص)، وقس على هذه الكتب كتباً أخرى قس عليها حينما ظهرت وانتشرت في: العراق/ والحجاز/ ومصر/ واليمن/ وأفريقيا/ والشام طرب لها جل الناس وهللوا
هذا هو: التاريخ.
هذه هي: الأخبار.. والروايات.
بل هذا هو: العلم.
لكن بعد ردحٍ من الزمن ليس بذي طول تبين لكثير منهم - إن لم يكونوا كلهم - تبين لهم أن هذه الكتب قد تأسست وألفت على شفا جرف هار.
وبنيت على شاكله/ قالوا/ وقيل/ وذكروا/ وذكر/ ونقل/ وورد/ وجاء.
هكذا جهالة في النقل وسرد في الخبر أشبه ما بكون بسرد العميان أنهم قد رأوا وشافوا وعاينوا وهم ليسوا كذلك، وأنى لكفيف البصر أن يفعل وهو لا يرى، وحين جاء القروم من ذوي الرواية والدراية والعالمون بصحة وكذب الروايات من خلال بحث أصولها وقواعدها وظروفها مكاناً وزماناً.
حين جاء خليفة بن خياط/ وشعبة بن الحجاج/ ويحيى بن سعيد القطان/ وعبد الرحمن بن مهدي/ والدار قطني/ والطبراني/ وأسامة بن منقذ/ وأيوب السختياني/ وحماد بن سلمة/ وحماد بن زيد، حينما جاء هؤلاء تهاوت روايات تلك الأسفار لأنها لا صحة لها أصلاً إنما تلك خواطر/ وروايات ذهنية/ ليس لها واقع يقوم.
هناك تبين أن للعاطفة وحيل النفس والعجلة في التصديق بجانب الإعجاب جل الخلل الذي جر كثيراً من القوم إلى أن يجعلوا (الأغاني) من مصادر الأدب ومن (حفظ حجة على من لا يحفظ)، فحفظ الحجة ودليلها وحفظ الخبر ودليله والرواية وضابطها بأسانيد عالية قائمة متصلة هذا هو سبيل حفظ العلم/ والتاريخ/ والأخبار/ والروايات.
إذاً فلا يحسن أن تؤخذ هذه الكتب كمصدر ومرجع كلا.. لكن تؤخذ من باب التفكه والتعجب مع لوم أصحابها.
والمرء إذا لم يكن لديه وازع وشرف عقلي وطهارة روح ونجابة إحساس، فإنه قد يلفق ويورد ما تمليه عليه المخيلة وقد يركب الأسانيد ويورد الرواة من باب أن يصدق القارئ ما بين يديه، ومن المعلوم جداً (عندي وعندك) أن تلفيق الرواية والخبر بإيراد السند لها هذا هو أقبح شيء يقوم به المرء إذا أورد سنداً صحيحاً على رواية مكذوبة لكي يتم تصديقه.
وغالب من يقوم بهذا هم أهل الأهواء والبدع والمتسولون، ومن يتم تكليفه بتأليف كتاب ما كما (جرجي زيدان) في رواياته عن الإسلام قد فعل في العصر الحديث.
ولهذا يقوم بعض النابهين من المسؤولين عن المجالس/ والهيئات العلمية/ ودور النشر/ والجامعات/ والمؤسسات العلمية يقومون بتحسس كل ما يردهم من كتاب أو رسالة أو بحث يقومون بشدة التحري والمراجعة وضبط حقيقة السند وصحته، ثم تتم المراجعة بعد ذلك عدة مرات حتى يتبين لهم أحقية الطبع والنشر وإلا فلا.
ولعلي أهيب بقومي بإعادة نظر كثير من كتب قد طالعوها أن يتدبروا أصولها وحقائقها. وليس أفضل هنا من قراءة: (ترجمة وسيرة) المؤلف ميوله ومصادره وعلاقاته، فلعل هذا حسب إدراكي هو السبيل الجيد لمعرفة أصل وهدف وصدق كل كتاب تتم قراءته.
بريد الجمعة:
1 - د. أمجد بن زيدان/ «المدينة» الجامعة الإسلامية - كلية الشريعة
2 - أحمد الرحيلي/ «المدينة» جامعة طيبة
3 - عائض اليامي: «نجران» مدير المعهد العلمي بادمه نجران
أقدر لكم تواصلكم وتقديركم
4 - محمد. م. أ. العتيبي/ جامعة الملك سعود «الرياض»
5 - أحمد ع.أ السبيعي - وصلت الرسالة.
6 - خالد بن سفيان الخطاب/ «المغرب» فاس
أصل (ابن خلدون) من اليمن، أما الإمام (سحنون) فهو من المغرب.
7 - محمد المعماري (أبو زاهد) الإمارات العربية المتحدة
الاجتهاد المطلق يحتاج إلى (الموهبة) لكي تتم (الإضافات النوعية) وإلا فلا.