زكية إبراهيم الحجي
إذا كانت الحروب التي اشتعلت في العالم خلال القرن العشرين وتحت أي مسمى كان.. قد تسببت في ملايين الضحايا فإن حروب القرن الحادي والعشرين لا تقل خطورة عن سابقتها.. بل إن وتيرتها تزايدت مع مرور الأيام وتراوحت ما بين حروب دينية وأخرى اقتصادية وثالثة عرقية ومذهبية.. ولطالما فُجع العالم «وما زال» بأعداد مهولة من ضحايا الحروب والصراعات.. اللافت في الأمر هو أن كل أزمة تظهر بين دولتين تسعى القوى الخارجية على رمي ثقلها الكامل وراء دعوة الأطراف المتنازعة للمحافظة على السلام ونزع فتيل العداء، فالكلفة البشرية للحروب مؤلمة، في ظل معطيات ما يُسمى بالإسلام السياسي تكونت جماعات وحركات ومنظمات متعددة اختبأت خلف الإسلام وهدفها تسييس الإسلام، ويأتي على رأسها جماعة الأخوان المسلمين الإرهابية والتنظيم الذي عُرِف بتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» والقاعدة ومنظمة رابعة عُرِفت بمنظمة الذئاب الرمادية.. وفي ظل ذلك كله تزايدت الهجمات الإرهابية على كثير من الدول، ولعل اسم الذئاب الرمادية لم يتردد كثيراً في أصداء الإرهاب العالمي لقلة تواجده على الساحة العامة إلا أنه عاد من جديد يطفو على سطح الأحداث ويظهر جلياً في بؤر الصراع بعد أن كان غائباً عن الأسماع لفترة وعودته كانت واضحة في العدوان التركي على»عفرين».
الذئاب الرمادية منظمة تركية تركز في أفكارها على التفوق للعرق التركي والسعي لاستعادة التاريخ العثماني، وهذه هي أوهام الديكتاتور العثماني أردوغان نفسها، لذلك فليس من الغرابة أن تكون ذراعه العسكري لتنفيذ أجندته القذرة التي تخدم إستراتيجياته القائمة على تفتيت المنطقة سعياً منه لإحياء حلم زائف.. ليس هذا فحسب، فبالكارت الذي تحركه أصابع أردوغان من خلف الكواليس امتدت الأعمال الإرهابية للذئاب الرمادية داخل العمق الأوروبي، والأحداث التي شهدتها مدن فرنسا والنمسا في الأيام السابقة لم تكن سوى بفعل عضة أنياب الذئاب الرمادية التي أطلقها ديكتاتور تركيا من مخابئها المتواجدة سابقاً في هذه الدول.. هذه الأحداث ليست سوى انعكاس للواقع السياسي والاجتماعي التركي داخلياً.. واقع يتم نقله إلى الخارج لمصلحة نفعية ذاتية.
يوماً بعد يوم يظهر الدور التركي الداعم للتنظيمات الإرهابية المتطرفة..فاتفاق أردوغان مع تيار الإخوان المسلمين في عمليات الجناح العسكري لهذا التيار الإرهابي يُعيد للذاكرة التزامن التاريخي لحركة الاغتيالات السياسية التي نفذتها جماعة الإخوان الارهابية ثم إطلاق منظمة الذئاب الرمادية المرتبطة بداعش وانتشارها في بعض المناطق العربية كسوريا والعراق والصومال وليبيا وفي العمق الأوروبي فرنسا وألمانيا والنمسا، كل ذلك يؤكد الأدوار التي تلعبها هذه المنظمات الإرهابية في تحقيق مطامع أردوغان.. فهل أدركت حكومات الدول بأنها أمام رجل من فصيل فاشي يطبق بحرفية النظرية الميكافيلية بعيداً عن منطق الأخلاق والإنسانية من أجل منفعته الشخصية والحفاظ على سلطته.