أ. د.عبد العزيز بن محمد الفيصل
نعم يتجدد الفخر بسلمان! لماذا؟ الأسئلة كثيرة، وأجوبتها تملأ الكتب!
يتجدد الفخر بسلمان لأنه حمى البلاد من عبث العابثين، فوطد الأمن وحمى البلاد من الجيران الأشرار، إيران من الشرق ترسل عبيدها، واليمن من الغرب يغلي على نار هادئة توقدها إيران، ولبنان وسوريا من الشمال يتربصان بالمملكة لأن أشرار إيران استوطنوا سوريا، وعبيد إيران في جنوبي لبنان. حماية المملكة في هذه الظروف فخر لسلمان القائد المحنك، فقد رافق الأزمات لأنه من بين العصي المستعصية على الأعداء، فتلك العصي ملتئمة مجتمعة لا يستطيع العدو كسرها، وهذا هو دأب أبناء الملك عبدالعزيز، يد واحدة في الشدائد، فكم من يد لسلمان أسهمت في صمود المملكة ووقوفها مع جيرانها وحماية أرضها وشعبها، عود صلب وعزيمة ماضية وهمة لا تقف في وجهها الصعاب، يعرف خبر الأولين فيسترشد به في واقعه لأنه يعرف أن التاريخ يعيد نفسه، فحوادثه متشابهة وأزماته مرتبطة، قرأ صفحات التاريخ فهو من هواة القراءة عامة، لكن التاريخ له مقام لديه. إن أرض هذه البلاد بما فيها من قرى ومدن جبال وقبائل وجزر مبسوطة أمام عيني الملك سلمان يرعاها ويعرف احتياجها، فهو لا يحتاج إلى معرف يعرفه بقبيلة أو قرية، فقد زار القرى ومواطن القبائل، وشاهد القاصي والداني من أرض مملكته الممتدة من البحر إلى البحر، ومن تخوم الشام إلى أرض اليمن، خبير بها وبرجالها وما فيها من نبات وحياة، رعى الروضات فأحاطها بالأعمدة قبل أن يكون ملكاً لأن البيئة الخضراء هي زينة البلاد، وأسهم في وجود المحميات حتى إنها اليوم تزخر بالنباتات المتنوعة والحيوانات المطمئنة في أماكن بعيدة عن صاحب البندقية التي أبادت حيوان الجزيرة البري.
نحن في الذكرى السادسة للبيعة والمواطنون يلهجون بالدعاء لقائد المسيرة سلمان بن عبدالعزيز، فكل سنة أدت واجبها للوطن والمواطن من إنجازات يكتبها التاريخ وتقرؤها الأجيال.
الملك سلمان استطاع أن يجعل للمملكة مكانة عالمية، فالمملكة اليوم ركن أساس في الاقتصاد العالمي، ولها مكانة في المحافل الدولية وفي صناعة القرار الأممي، وهذا ناتج عن سياسة معتدلة ومنح المنظمات الدولية ما يعينها على أداء مهمتها، فمنظمة الصحة العالمية من المنظمات المدينة للمملكة، ومركز الملك سلمان كافح الفقر في العالم ومنح التعليم عمت كثيراً من البلاد، فالثلاثي البغيض المرض والفقر والجهل كافحته المملكة أينما وجد، فلا تجد بقعة من الكرة الأرضية إلا وللمملكة يد في مكافحة الثلاثي البغيض الجهل والفقر والمرض، تدفع المملكة الإعانة بلا منة، وبلا شروط، فالدول الكبرى لا تدفع دولاراً واحداً لدولة أو منظمة إلا وتضع شروطها مقدماً. الملك سلمان ملك الإنسانية يمنح بلا شروط، ويعطي بلا منة، فديدنه المروءة بكل أبعادها، مروءة في المنح ومروءة في التسامح ومروءة في الأخوة إن كانت هذه الأخوة عربية أو إسلامية أو إنسانية. الملك سلمان يتسامى عن النناءات ويغض الطرف عن الإساءات ونكران الجميل، يحب الخير ويسعى إليه، ويكره الشر وينفر منه تربى في مدرسة والده على التعاليم الإسلامية والقيم العربية، وقد أضاف إليها القيم الإنسانية، فعندما يسمع بكارثة إنسانية أصابت بلداً ما من زلزال أو سيول جارفة أو في فيضانات أنهار أو حرائق فإنه يأمر بالمساعدة، فتصل المساعدات السعودية إلى البلد المنكوب في زمن قصير وإن كان بعيداً عن المملكة. ومن الأمور المنظورة من حب الملك سلمان لمساعدة المحتاج إلى المساعدة أنه أمر بمعالجة المخالفين للإقامة فعولجوا من إصابات كورونا مع ارتكابهم جرم المخالفة، فهذا التسامي لا يصل إليه إلا من رزقه الله محبة الضعيف والمحتاج.
أصبحت المملكة في عهد الملك سلمان وجهة سياحية، ففيها مهرجان الإبل الموسمي، حيث يتمتع السائح برؤية سباقات الإبل، ورؤية الصحراء الممتدة في صياهد الدهناء، ومشاهدة الدهناء برمالها الذهبية وكثبانها المتناغمة، وحيث إن المهرجان يقع شمالاً عن الرياض بمسافة مائة وثلاثين كيلاً فقد بني فندق في قلب الصحراء لمن أراد الإقامة والاستراحة في يومه.
وهناك معرض الصقور الموسمي الواقع في الشمال الغربي من مدينة الرياض، حيث يبعد عن المدينة بمسافة ستين كيلاً، وهناك العلا بتنوع آثارها المنحوتة في الجبال وموسمها الثقافي والفني. وقد أصبحت القرى التراثية وجهة سياحية حيث رممت البيوت، فهي تستقبل السياح في أيام العطل وغيرها. وبالقرب من الرياض مطل جبال طويق حيث ينكسر الجبل في مهوى مريع ومخيف في منظر أخاذ ومعجب، فالرائي لن ينسى ذلك الجبل الشامخ والمهوى المريع، ولذلك يتسابق السائحون إلى أخذ الصور للذكرى والتأمل، وهناك مقطع طمية بالقرب من الطائف، أما الجبال الممتدة بخضرتها الزاهية فهي مقصد السائحين في فصل الصيف.
لقد بدأت السياحة تملأ جيوب الباحثين عن العمل والمستثمرين، فهي مجال للدخل جد في عهد سلمان. وينظر العالم اليوم في عام (كورونا) إلى المملكة العربية السعودية فيعجب بإنجازاتها وحمايتها لسكان المملكة من سعوديين ومقيمين، فالمملكة اليوم تصنف في الصف الأول من الدول التي استطاعت أن تقلل الضرر إلى أقل ما يمكن، فالإصابات قليلة، والوفيات لم تتجاوز النسبة العالية، فالرعاية الصحية في المملكة تقدمت على الدول لأوروبية والولايات المتحدة التي استشرى فيها مرض كورونا.
وينظر الملك سلمان إلى حرب اليمن نظرة إشفاق على الشعب اليمني الذي يعاني الأمرين من هذه الحرب التي أكلت الرطب واليابس فسعى إلى السلم لأن المملكة راعية السلام، ولكن الصواريخ الإيرانية التي تطلق على المدنيين في المملكة تستفزه، فهو الراعي لكل إنسان في المملكة العربية السعودية، سواءً كان سعودياً أو وافداً.
ويستعرض الملك سلمان من وقت لآخر احتياجات المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة فيأمر بما يخدم الحجاج والمعتمرين والزائرين، وقد لحظ ما يعانيه الراغب في الوقوف على غار حراء مكان تعبد الرسول وأول موضع تلقى فيه نبي هذه الأمة الوحي، لحظ ما يعانيه الزائر من مشقة فأمر حفظه الله بتطوير الطريق الموصل إلى الغار مع صيانة الغار وحفظه وأن تكون الزيارة ميسرة، وأمر كذلك بصيانة غار ثور الذي اختبأ فيه نبي هذه الأمة مع رفيقه الصديق أبي بكر رضي الله عنه. واهتمام الملك سلمان بعمارة الحرم المكي أمر مشاهد، وكذلك المشاعر المقدسة في عرفات ومنى ومزدلفة، والطرق الموصلة إليها، فيقف حفظه الله على المنجز ويحث على إنجاز المشروعات المتأخرة.
وفي شأن القضية الفلسطينية وقفت المملكة مع الحق الفلسطيني منذ النكبة سنة 1948م ثم الهزيمة سنة 1967م ثم الحرب العربية سنة 1973م التي أسهمت فيها المملكة بالمال والمال عصب الحرب وفي الأشهر القريبة أعلنت إسرائيل ضم أجزاء من الضفة الغربية وأجزاء من غور الأردن فأمر الملك سلمان مندوبه في مجلس الأمن أن يعلن رأي المملكة في هذا الضم بأنه باطل وأن هذا الضم انتهاك خطير للقانون الدولي، ولم تقف مساعدات المملكة للفلسطينيين في أي ظرف فالإساءات إلى المملكة لم توقف دعمها للقضية الفلسطينية أو دعمها لمنظمات الأمم المتحدة الراعية للاجئين الفلسطينيين.
مجدك خالد أيها الملك الهمام، دفعت بالبلاد نحو التقنية فانتقلت المدارس إلى بيوت الطلاب والطالبات في هذا العام، وأعانت التقنية الأطباء في عام الجائحة، وأعطيت المرأة حقها فساقت السيارة واستغنت عن السائق الأجنبي، بل أفسحت لها المجال في الأعمال الوظيفية وفي التجارة فنافست الرجل بمهارتها وإتقانها لعملها، تعاملت مع الدول الكبرى معاملة الند للند ولم تلتفت إلى المزايدات والتهديدات، مملكتك قائمة وصامدة وقد مرت بأمثال ما نسمع فخرجت من الأزمات رافعة الرأس، سر أيها الملك يصحبك الخير والحق والجمال، وشعبك من خلفك قد بايعك بالأمس وجدد البيعة كل عام، وها هي البيعة السادسة! ليهنؤوك المجد وتصحبك الصحة وينفسح الأمل أمامك.