عبدالله الهاجري - «الجزيرة»:
فيما يلتم قادة دول العشرين في العاصمة الرياض يومي 21 و22 نوفمبر الجاري للاجتماع افتراضيا برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله -، تولت المملكة العربية السعودية استضافة اجتماعات مجموعة العشرين على مدار العام وقيادة جدول الأعمال، ولعبت رئاسة المملكة لمجموعة العشرين دوراً ريادياً في تعزيز تطوير خطة استراتيجية للتعامل مع الكثير من القضايا المهمة.
وتواصل الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين المضي قدماً في جدول أعمالها الشامل والجريء وذلك بالتعاون مع دول مجموعة العشرين في أوقات الأزمات، ويلتزم جدول أعمال رئاسة مجموعة العشرين في 2020 بتقدم خيارات السياسات المنسقة من أجل تمكين الإنسان والحفاظ على كوكب الأرض وتشكيل آفاق جديدة.
وبصفة المملكة العربية السعودية عضواً فعالاً ودولة الرئاسة لعام 2020، فإنها تلعب دوراً حاسماً في قيادة وتنسيق جدول أعمال مجموعة العشرين والجهود الدولية لمكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد، بما يكفل توفير السبل اللازمة لحماية الأرواح وسبل المعيشة والحفاظ على الاقتصاد العالمي، واتفق القادة خلال القمة الاستثنائية التاريخية في 26 مارس 2020 على بذل كافة الجهود للتغلب على الجائحة، والعمل جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي لحماية الأرواح، مما نتج عنه عدة إجراءات ملموسة اتخذتها دول مجموعة العشرين بما يتفق مع الرؤية المتمثلة في حماية الإنسان ودعم الفئات المستضعفة.
مجموعة العشرين في لمحة سريعة
تشتهر مجموعة العشرين بقمتها السنوية للقادة حيث يجتمع فيها قادة الدول الأعضاء والدول المستضافة. ويشمل جدول الأعمال السنوي لمجموعة العشرين اجتماعات وزارية، واجتماعات مجموعات العمل، وورش عمل، وفعاليات جانبية، بالإضافة إلى العديد من الاجتماعات الأخرى طوال العام تمهيدا إلى القمة.
ويجتمع خلال العام مسؤولو الحكومات والوزراء والنواب وممثلو الدول للتفاوض والتوصل إلى اتفاقيات بشأن البيانات الوزارية ومخرجات مجموعات العمل.
تعتمد رئاسة مجموعة العشرين على نظام التدوير. ففي كل عام، تستلم دولة مختلفة من الدول الأعضاء رئاسة المجموعة وتقود عملية الحوار للتأكد من أن الرئاسات السابقة والحالية والقادمة لمجموعة العشرين تعمل معاً بشكل متناسق. وتأتي رئاسة المملكة العربية السعودية لهذا العام كجزء من المجموعة الثلاثية (الترويكا) مع اليابان (2019) وإيطاليا (2021).
يركز جدول أعمال مجموعة العشرين تحت الرئاسة السعودية على اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع من خلال تمكين الإنسان، والحفاظ على كوكب الأرض، وتشكيل آفاق جديدة.
تتولى دولة الرئاسة مسؤولية استضافة اجتماعات مجموعة العشرين على مدار العام وقيادة جدول الأعمال، كما يمكنها دعوة دول خارج مجموعة العشرين لحضور الاجتماعات والمشاركة في بناء السياسات اللازمة للتعامل مع القضايا المطروحة في جدول الأعمال، والدول المدعوة لهذا العام هي الأردن وسنغافورة وسويسرا.
ينقسم عمل مجموعة العشرين إلى مسارين:
المسار المالي: ويتضمن جميع اجتماعات وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية على مستوى دول مجموعة العشرين، وهي اجتماعات تعقد أكثر من مرة على مدار العام، وتركز على القضايا المالية، مثل: السياسات المالية والنقدية، والاستثمار في البنية التحتية، والرقابة على النظم المالية، والشمول المالي، والضرائب الدولية.
أما المسار الثاني فهو مسار الشربا حيث يركز على القضايا الاجتماعية والاقتصادية، مثل: الصحة، والتعليم، والتجارة، وتمكين المرأة، والتوظيف، والزارعة والمياه، والبيئة ومكافحة الفساد - كإضافة مهمة لهذا العام -. ويتخلل المسار عدة اجتماعات يتم التفاوض فيها من قبل الوزراء والنواب وممثلي الدول والموافقة عليها لتقود بذلك إلى قمة القادة.
ويمثل كل شربا مكّلف من دولته في مجموعة العشرين في المشاركة في التخطيط والتفاوض وتنفيذ المهام بالنيابة عن قاداتهم، إلى جانب تنسيق القضايا المتنوعة المطروحة على جدول أعمال مجموعة العشرين، وتفويض الحوار والموضوعات إلى مجموعات العمل ذات الصلة.
كيف تعمل مجموعة العشرين هذا العام على الحفاظ على كوكب الأرض؟
تقع قضية الحفاظ على كوكب الأرض ضمن محاور جدول أعمال رئاسة مجموعة العشرين، كما أن رئاسة المملكة العربية السعودية تظل ملتزمة بتقريب آراء الدول الأعضاء للعمل على استراتيجيات وحلول قائمة على السياسة لضمان مستقبل مستدام للجميع.
يجب ألا تصرف أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد وتبعاتها تركيزنا عن التحديات البيئية التي لَّا نزال نواجهها، وتنسينا الحاجة إلى التعاون الدولي والذي أصبح أكثر أهمية من ما كان لإيجاد حلول فعالة.
تعد الجهود المبذولة للحفاظ على الشعاب المرجانية والحياة البحرية ومنع تدهور الأراضي ووقفه جزءاً استراتيجياً من الاستجابات لحماية الكوكب.
في ضوء الإنجازات التي حققتها الرئاسات السابقة، اعتمد وزراء الطاقة منصة اقتصاد الكربون الدائري (CCE) وإطارها المكون من 4 عناصر «التقليل وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير والإزالة». ولذلك تعمل رئاسة المملكة على تعزيز الجهود لإدارة الانبعاثات في جميع القطاعات وتحسين التآزر بين إجراءات التكيف والتخفيف مع تعزيز الوصول إلى طاقة أنظف وبأسعار معقولة وأكثر استدامة.
تلعب رئاسة المملكة العربية السعودية دوراً ريادياً في تعزيز تطوير خطة استراتيجية للتعامل مع التغير المناخي وهو أحد أشد القضايا إلحاحا التي تواجه العالم في الوقت الحاضر، وبما أن المملكة هي من الدول المنتجة للطاقة عالمياً، فإنها تسعى إلى إيجاد حلول من خلال الابتكار والتعاون مع دول مجموعة العشرين لإنشاء إطار عمل مستدام للنمو أثناء الجائحة وبعدها. وقد ضربت المملكة مثالاً يحتذى به في ضمان توفير نهج شامل ومتكامل في المشاريع الضخمة للحفاظ على البيئة وتشجيع التنمية. كما أن الحفاظ على البيئة هي رؤية وطموح للمملكة.
اجتمع وزراء الطاقة لدول مجموعة العشرين افتراضياً في 27 و28 سبتمبر 2020 واعتمدوا النهج القائم على تدوير الكربون والمكون من 4 عناصر وذلك بقيادة الرئاسة السعودية، معززين بذلك الخطوات العملية المساعدة في تطوير التقنيات والابتكارات ذات الصلة وتوفيرها ونشرها، كما أن اعتماد الوزراء للنهج القائم على تدوير الكربون يسلط الضوء على اهتمام المجتمع الدولي بطرق جديدة وابتكارية وشاملة للتصدي للتحديات المناخية والبيئية وتحفيز اقتصادات وصناعات العالم.
تلتزم دول مجموعة العشرين بتمكين نماذج الأعمال، والشراكات بين القطاعين العام والخاص وخيارات الاستثمارات لتسهيل حلول الاقتصاد الدائري للكربون.
دور المجتمع المدني في عملية مجموعة العشرين
تتبع مجموعة العشرين تقليداً قوياً يتمثل في العمل مع مجموعة واسعة من المنظمات لجمع وجهات النظر المختلفة بشأن التحديات الاقتصادية الاجتماعية على طاولة نقاشات مجموعة العشرين، ومجموعات التواصل هي مجموعات مستقلة تقودها منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص من دولة الرئاسة، وتعمل مع المنظمات الأخرى من دول مجموعة العشرين على تطوير السياسات الموصى بها من قبلهم والتي يتم رفعها بصورة رسمية عن طريق رئاسة مجموعة العشرين إلى قادة مجموعة العشرين للنظر فيها.
لقد عملت الرئاسة مع مجموعات التواصل طوال هذا العام لتضمين وجهات نظر المجتمع المدني والقطاع الخاص في مواضيع مجموعة العشرين، ولطالما كانت مساهمات مجموعات التواصل أساساً ُيستند عليه لتحقيق أفضل الإجراءات لصنع السياسات؛ حيث تشارك المجموعات بخبراتها وتخصصاتها الفريدة للتأكد من أن السياسات ستشكل عالماً أفضل للجميع.
اجتمعت مجموعات التواصل بانتظام خلال عام 2020 لمناقشة وتطوير التوصيات التي تعكس وجهات نظر المجتمع المدني، ومجتمعات الأعمال، والجهات الأكاديمية بشأن القضايا ذات الصلة بجدول أعمال رئاسة مجموعة العشرين، وعلى الرغم من الظروف غير المسبوقة التي سببتها جائحة فيروس كورونا المستجد، فقد واصلت مجموعات التواصل الثمانية جهودها الاستثنائية والتزامها بتقديم نتائج أعمالها. رفعت مجموعة تواصل الأعمال (B20)، وهي تمثل مجتمع الدولي الأعمال ، توصياتها التي ركزت على التحول لتحقيق نمو شامل.
ودعت مجموعة تواصل الشباب (Y20)، وهي تمثل القيادات العالمية الشابة من أكثر من 23 دولة، دول مجموعة العشرين إلى اتخاذ إجراءات في ثلاثة مجالات شاملة هي : الجاهزية للمستقبل، وتمكين الشباب، والمواطنة العالمية.
وقدمت مجموعة تواصل العمال (L20)، التي تجمع ممثلي نقابات العمال من دول مجموعة العشرين، توصياتها الواردة في بيانها حول التعافي المتين ونظم الحماية الاجتماعي، وسياسات سوق العمل.
كما أصدرت المجموعة الممثلة للمجتمع الأكاديمي مجموعة الفكر (T20) توصيات توفر حلوًلا قائمة على الأدلة من شأنها أن تعزز التعاون الدولي متعدد الأطراف، والاقتصاد الرقمي، والطاقة المستدامة، وتخفف من أثر جائحة فيروس كورونا المستجد على العمال، وغير ذلك الكثير .
كما رفعت مجموعة تواصل المجتمع المدني (C20) توصياتها بشأن الاستجابة والتعافي من جائحة فيروس كورونا المستجد، والعدالة الاقتصادية والاجتماعية، وتحسين حالة الإنسان وكوكب الأرض.
وجمعت مجموعة تواصل المرأة (W20) أكثر من محور حول المساواة بين الجنسين كمحرك للنمو المستدام والشامل. كما أن التوصيات جاءت موجهة نحو تعزيز التنمية الاقتصادية للمرأة، والشمول المالي والرقمي، والتوظيف، وريادة الأعمال.
أما مجموعة تواصل العلوم (S20)، وهي المجموعة الممثلة للمجتمع العلمي، فقد عرضت مقترحاتها التي ركزت على مستقبل النظم الصحية، والاقتصاد الدائري، والثورة الرقمية.
وركزت مجموعة تواصل المجتمع الحضري (U20)، التي تمثلها عمداء المدن والتي تسلط الضوء على وجهات نظر المجتمع الحضري، حول مواضيع مثل : العمل المناخي، والتوحيد والتكامل الاجتماعي، والنمو الاقتصادي المستدام للوصول إلى مجتمعات مزدهرة.. للحصول على مزيد من المعلومات والروابط الإلكترونية لمواقع المجموعات، يرجى زيارة الموقع الإلكتروني الرسمي لمجموعة العشرين
تعزيز التعاون الدولي
وقت الأزمات
تواصل الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين المضي قدماً في جدول أعمالها الشامل والجريء وذلك بالتعاون مع دول مجموعة العشرين في أوقات الأزمات، ويلتزم جدول أعمال رئاسة مجموعة العشرين في 2020بتقدم خيارات السياسات المنسقة من أجل تمكين الإنسان والحفاظ على كوكب الأرض وتشكيل آفاق جديدة.
وبصفة المملكة العربية السعودية عضواً فعالاً ودولة الرئاسة لعام 2020، فإنها تلعب دوراً حاسماً في قيادة وتنسيق جدول أعمال مجموعة العشرين والجهود الدولية لمكافحة جائحة فيروس كورونا المستجد بما يكفل توفير السبل اللازمة لحماية الأرواح وسبل المعيشة والحفاظ على الاقتصاد العالمي، واتفق القادة خلال القمة الاستثنائية التاريخية في 26 مارس 2020 على بذل كافة الجهود للتغلب على الجائحة، والعمل جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي لحماية الأرواح، مما نتج عنه عدة إجراءات ملموسة اتخذتها دول مجموعة العشرين بما يتفق مع الرؤية المتمثلة في حماية الإنسان ودعم الفئات المستضعفة.
لقد ركزت دول مجموعة العشرين منذ البداية على اتخاذ جهود لمكافحة الجائحة على الصعيد الصحي بهدف المساعدة في حماية الأرواح وتشكيل مستقبل أفضل وذلك من خلال تخصيص أكثر من 21 مليار دولار أمريكي منذ بداية الأزمة لأدوات التشخيص، واللقاحات، والعلاجات، وذلك لصالح البشرية.
وبالإضافة إلى ذلك سارعت دول مجموعة العشرين بالقيام بكل ما يلزم لحماية المنشآت، والتجارة، والوظائف، والصناعات، فضخت 5 تريليونات دولار أمريكي عند بداية الأزمة، وتعهدت بتقديم مساهمات مالية جديدة واستثنائية طوال العام، وقد بلغ مجموع هذه المساهمات حتى الآن أكثر من 11 تريليون دولار أمريكي لحماية الاقتصاد العالمي والنظم المالية كجزء من السياسة المالية المستهدفة إلى جانب التدابير الاقتصادية وخطط الضمان لمكافحة التبعات الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة.
كما كرست دول أعضاء المجموعة جهودها لحماية الدول والشعوب المحتاجة حيث أطلقت مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الدين (DSSI) التي استفادت منها 44 دولة وأكثر من مليار إنسان، والجدير بالذكر أن هذه المبادرة قد أتاحت 14 مليار دولار أمريكي لهذه الدول لمساعدتها على توجيه جميع مواردها نحو مكافحة الجائحة بدلاً من تسليم مدفوعات ديونها.
وجزء من جهود مجموعة العشرين يتمثل في خطة عمل مجموعة العشرين التي اعتمدها وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية. وهي ترسي أسس التعافي، وتستند على 3 ركائز رئيسية وهي : حماية الأرواح، ودعم الفئات الضعيفة من خلال المساعدات الدولية، والحفاظ على الظروف اللازمة للتعافي القوي والمستدام، والنمو الشامل، بالإضافة إلى التعلم من هذه الدروس للمستقبل.
ستظل 2020 عالقة في الأذهان على أنها سنة التغيير، وسيتذكر الجميع رئاسة المملكة العربية السعودية على أنها هي من قادت الطريق نحو مستقبل أفضل.