عطية محمد عطية عقيلان
تميزت حياة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- بخبرات تراكمية فريدة يصعب تكرارها في شخصية سياسية قيادية، فمن خلال مزاولته لعمله لأكثر من خمسين عاماً كحاكمٍ لمنطقة الرياض -العاصمة الإدراية والسياسية للمملكة- والتي شهدت تطوراً عمرانياً وسكنياً وخدماتياً على جميع الأصعدة. فكانت منطقة الرياض عند توليه الإمارة عام 1955م سكانها عددهم محدود وبنية تحتية متواضعة، وتحولت خلال نصف قرن إلى ملايين عدة من السكان ومن مختلف الحضارات والجنسيات، وشهدت نهضة تعليمية وعمرانية وصناعية في شتى المجالات.
وكانت سياسة الباب المفتوح منهجاً التزم به -حفظه الله- بشكل يومي، يستمع مباشرة إلى مشاكل الناس وقضاياهم وطلباتهم مع اتخاذ الإجراء بأسرع وقت وقراراته حينها شعارها الإنجاز وتقديم مصالح الناس أهم أولوياته، بتناغم مع فريق عمله ممن حوله وفهماً لتوجيهاته وحتى نظراته بصرامة وحزم وعطف وحنو في اجتماع فريد لهذه الصفات بسياسة وسلاسة وحكمة، كان مجلسه مدرسة جامعة لفن التعامل واكتشاف عقول الناس والتعامل معهم بالحلم والتوجيه والصرامة عند الحاجة، وتشرفت في حضور ذلك المجلس العامر مرتين في مبنى الإمارة عام 1991م و1993م، وكانت تجربة عملية لي كشاهد عيان على حزمه وسرعة بديهته وفهمه للمراجعين وحله لقضايهم بعدل وتطبيق روح النظام ومرونته لصالحهم، فكانت هذه اللقاءات خلال نصف قرن مع ألوف المراجعين من شتى المناطق والأجناس ومختلف القضايا، كونت خبرة تراكمية في فهم نفسيات الناس واحتياجاتهم وشكلت منهجاً متميزاً في فن التعامل والاستماع لهم. وقد كانت سياسة الباب المفتوح اليومية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - طيلة نصف قرن من الزمان إبان حكمه لمنطقة الرياض اتسمت بقربه من الناس وفهم عميق لاحتياجاتهم وسرعة في البت أو حل مطالبهم وشكواهم في مختلف المجالات سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى جماعي لعائلة معينة أو هجرة أو قرية أو مدينة.
كانت هذه اللقاءات وسياسة الباب المفتوح وسيلة تفاعلية هي الأسرع في حينها وتعادل وسائل التواصل الاجتماعي مثل تويتر وغيرها حاليًا، فمن خلالها يتعرف على مطالبات الناس وطريقة تفكيرهم وردات أفعالهم بشكل فوري وتفاعلي، مع أخذ القرارات أو التوجيه المناسب للمسؤول عنها. وكان يخصص في برنامجه اليومي وقتاً لاستقبال المراجعين وعرض الشكاوى والمظالم والشفاعات.. كانت عامل اطمئنان وأمان للمواطن والمقيم لأخذ حقه بطريقة سريعة وأحيانًا فورية، ورادعاً لكل من يستهين بحقوق الناس ويظلمهم. ورغم انشغاله في مسؤوليات سياسية عديدة كاستقبال وفود ورؤساء وقادة دول وارتباطه بعلاقات مميزة مع كثير منهم، إلإ أن التزامه اليومي في استقبال المراجعين لم ينقطع، وكل من عاصر تلك الحقبة من المواطنين أو المقيمين كان يشهد بذلك، ويحفظ (عشرات) القصص لمن ذهبوا إلى مجلسه وقدموا شكواهم أو مطلبهم وحلت قضاياهم. مع تميزه باستحضار لمن التقى بهم ومعرفة أسمائهم وعائلاتهم ومناطقهم سواء مواطنين أم مقيمين.
حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ذخراً للأمة العربية والإسلامية ومتعه بالصحة والعافية والعمر المديد.