الجزيرة - الاقتصاد:
نجحت المملكة العربية السعودية خلال رئاستها لمجموعة العشرين G20 في تعزيز مسيرة عمل المجموعة وبرامجها وتحقيق التعاون العالمي. وركزت المملكة خلال رئاستها لمجموعة العشرين على الهدف العام «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع»، المتضمن ثلاثة محاور رئيسة: تمكين الإنسان: من خلال تهيئة الظروف التي تمكِّن جميع الأفراد – خاصةً النساء والشباب – من العيش والعمل والازدهار، الحفاظ على كوكب الأرض: من خلال تعزيز الجهود التعاونية فيما يتعلق بالأمن الغذائي والمائي، والمناخ، والطاقة والبيئة، وتشكيل آفاق جديدة من خلال اعتماد استراتيجيات جريئة وطويلة المدى لتبادل منافع الابتكار والتقدم التقني. واستضافت المملكة خلال الفترة الماضية اجتماعات ومؤتمرات شملت اجتماعات وزارية واجتماعات لمسؤولين رسميين وممثلي مجموعات التواصل، وهي: مجموعة الأعمال B20، ومجموعة الشبابY20، ومجموعة العمال L20، ومجموعة الفكر T20،ومجموعة المجتمع المدني C20، ومجموعة المرأة W20،ومجموعة العلوم S20، ومجموعة المجتمع الحضري U20. ويأتي ذلك في إطار الدور المحوري الذي تلعبه مجموعــة العشــرين فــي تنســيق الاســتجابات العالميــة للأزمــات، وطــرح إصلاحـات لتعزيـز النمـو الاقتصـادي، ودعـم التنميـة والمتانـة الاقتصاديـة، والاسـتفادة مـن الابتـكار التكنولوجـي مـع معالجـة تحدياتــه، حيث توفــر مجموعــة العشــرين القيــادة المناســبة فــي بيئــة عالميــة معقــدة وســريعة التغيــر مــن خــلال الجمــع بيــن الاقتصـادات الناشـئة والمتقدمـة.
واقترحت الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين لتوجيه عمل المجموعة في عام 2020: التركيـز علـى المجـالات التـي يمكـن لمجموعـة العشـرين إحـداث تغييـر فـارق فيهـا وتقديـم نتائـج ملموسـة، وذلـك مـن خــلال إعطــاء الأولويــة للقضايــا المهمــة للإنســان وكوكــب الأرض، والتــي يمكــن تحقيقهــا مــن خـلال التعــاون العالمــي، والتعــاون لإيجــاد توافــق حــول القضايــا الملحــة، والمشــاركة مــع أصحــاب المصلحــة المعنييــن والــدول غيــر الأعضــاء فــي مجموعــة العشــرين ومؤسســات المجتمــع المدنــي والمنظمــات الإقليميــة. وتبنـي منظـور تطلعـي مسـتدام يركـز علـى النتائـج، والتحضيـر للسياسـات للمـدى البعيـد وعـدم الاكتفاء بالخطـط قصيـرة المـدى.
المقترحات.. الآفاق والتطلعات
وجاءت مقترحات رئاسة المملكة للمجموعة فـي سـياق التغيـرات الاقتصادية والجيوسياسـية، وما يواجـه أعضـاء مجموعـة العشـرين مـن تحديـات مشـتركة تتمثل في عـدم وضـوح آفـاق النمـو الاقتصـادي واسـتمرار نقـاط الضعـف المالـي، ما يستوجب خلـق الدعـم اللازم للتعـاون الدولـي لمواجهـة هـذه التحديـات، والعمـل مـن أجـل المصلحـة العامـة العالميـة، والقيـادة بشـكل جريء نحـو آفـاق جديـدة. وتقــع المملكــة علــى مفتــرق الطــرق لثـلاث قــارات وعنــد نقطــة التقــاء الأســواق الناشــئة والمتقدمــة. ويتســم ســكان المملكــة بأنهــم الأصغــر عمــرا بيــن شــعوب دول مجموعــة العشــرين الأخــرى، وتمــر المملكــة فــي ضــوء رؤيـة 2030 بتحـول اجتماعـي واقتصـادي كبيـر. كمـا تطبـق المملكـة العديـد مـن الإصلاحـات لتعزيـز النمـو الاقتصـادي وتنويـع مصـادره، وتمكيـن المـرأة والشـباب، وتشـجيع الشـركات الصغيـرة والمتوسـطة، وتحقيـق المزيـد مـن الشـراكات النوعيـة بيـن القطاعيـن العـام والخـاص، وتحسـين فعاليـة الحكومـة، وتعزيـز القـدرة التنافسـية، ممـا يعنـي أن لبرنامـج مجموعة العشرين صدى قويا في الحياة اليومية لسكان المملكة.
البداية من أوساكا.. الأسس والمنطلقات
في يونيو 2019 وإنابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – ألقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظه الله – كلمة في الجلسة الختامية للقمة الرابعة عشرة لمجموعة العشرين التي استضافتها مدينة «أوساكا» في اليابان يومي 28 و29 يونيو الماضي. وأشاد سموه حينها ببرنامج عمل مجموعة العشرين خلال الرئاسة اليابانية لها في ذلك العام، وتركيزها على بناء مستقبل اقتصادي يتمحور حول الإنسان، ومواجهة التحديات الديموغرافية والتقنية، مؤكدا أن تمكين المرأة والشباب يظلان محوري ن أساسيين لتحقيق النمو المستدام، وكذلك تشجيع رواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة. وقال سمو ولي العهد: إن العالم يعيش في زمن الابتكارات العلميةِ والتقنيةِ غير المسبوقة، وآفاقِ النمو غير المحدودة، مشيرًا إلى أنه يمكن لهذه التقنياتِ الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، أن تجلبَ للعالم فوائد ضخمة، في حال استخدامها على النحو الأمثل. وبدأت المملكة رئاستها لمجموعة العشرين ، وتستمر إلى نهاية نوفمبر الجاري 2020م وصولاً إلى انعقاد قمة القادة بالرياض يومي 21 و22 نوفمبر 2020م، مؤكدة مواصلتها دعم جهود المجموعة في تحقيق التعاون العالمي. وكانت غرفة الرياض ومجموعة الأعمال B20 المشاركة في قمة مجموعة العشرين G20 قد استضافت في سبتمبر 2019 اجتماع عمل ناقش عددًا من الرؤى حول مشاركة قطاع الأعمال السعودي ضمن فعاليات اجتماع مجموعة الأعمال B20 لمجموعة العشرين G20 التي تستضيفها المملكة. وأكد حينها يوسف البنيان رئيس مجموعة الأعمال B20 أن قمة العشرين G20 ستكون حدثًا غير اعتيادي، في وقت تشغل فيه المملكة دورًا محوريًا وعالميًا في الحفاظ على استقرار أسواق النفط، وتعزيز استقرار الأسواق العالمية، وفي ضوء ذلك يتحدد استقرار الاقتصاد العالمي.
التعاون الدولي في مكافحة الفساد
وشدد وزراء مكافحة الفساد في دول مجموعة العشرين على أهمية الهيكل الدولي القائم لمكافحة الفساد، ولاسيما الالتزامات والتعهدات المنصوص عليها في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC)، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود (UNTOC)، واتفاقية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بشأن مكافحة رشوة الموظفين العموميين الأجانب في المعاملات التجارية الدولية وما يتصل بها من وثائق، والمعايير المُنبثقة عن مجموعة العمل المالي (FATF)، حيث تتضمن جميع هذه الصكوك مجموعة متينة من التدابير التي يجب على الدول أن تتخذها لمنع ومكافحة الفساد، وعمليات غسل الأموال، والجرائم الاقتصادية الخطيرة الأخرى ذات الصلة.
وتضمن البيان الختامي الذي صدر عن الاجتماع الوزاري لوزراء مكافحة الفساد في دول مجموعة العشرين الذي عقد برئاسة رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد مازن الكهموس، وبمشاركة وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشيخ الدكتور وليد الصمعاني، والنائب العام الشيخ سعود المعجب، ورؤساء وفود دول أعضاء المجموعة، والدول المشاركة، ورؤساء المنظمات الإقليمية والدولية، لمناقشة الالتزامات المناطة نحو استمرار دول العشرين في أن تكون مثاًلا يُحتذى به في الحرب العالمية ضد الفساد، تضمن: في الوقت الذي يمُر فيه العالم بهشاشة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة نتيجةً لجائحة فيروس كورونا المستجد (covid-19)، فإننا نُشدد على التهديدات المتزايدة للفساد، والتأثير الخطير الذي تُشكله هذه الآفة على النمو الاقتصادي، والتنمية المستدامة، وجودة الاستثمار والابتكار، والثقة المُتبادَلة بين الحكومات والشعوب، معربين عن تعاطفهم العميق عن الخسائر المأساوية في الأرواح والمعاناة التي تسببت بها جائحة فيروس كورونا المستجد. وأكد الوزراء تأييدهم بما يتماشى مع خطة عمل دول مجموعة العشرين لمكافحة الفساد للأعوام 2019-2021م، المبادئ رفيعة المستوى المُنبثقة عن رئاسة المملكة لدول المجموعة خلال العام 2020م، المتمثلة في تطوير وتنفيذ استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد، وتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات لتعزيز النزاهة في القطاع العام، وتعزيز النزاهة في عمليات الخصخصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص. ورحب الوزراء بمبادرة الرياض الرامية إلى إنشاء شبكة عمليات عالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد، والتي تأتي لتكون مُكملةً للمنصات والشبكات القائمة في مجال التعاون الدولي غير الرسمي، ومنها على سبيل المثال: الشبكة العالمية لإنفاذ القانون (GLEN)، وشبكة موظفي إنفاذ القانون (LEOs)، التابعتين لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وشبكة (الإنتربول)، كما رحبوا بالنهج الجديد لتقرير المساءلة المعني بمكافحة الفساد لدول مجموعة العشرين، والذي يُقدم للمرة الأولى استعراضاً معمقاً للتقدم الجماعي المُحرز لدول المجموعة في مجالي التعاون الدولي واسترداد الموجودات، والذي سوف يُسترشد به في تحديد مجالات العمل المستقبلية المحتمَلة في هذين المجالين.وأشاروا إلى ضرورة التعاون الدولي في التحقيقات في قضايا الفساد العابرة للحدود وملاحقة مُرتكبيها، بما في ذك تلك القضايا التي يُتطلب فيها استرداد عائدات الجريمة؛ لذلك، فإننا نلتزم بتعزيز آليات التحقيق في قضايا الفساد، والاتصال وتبادل الخبرات في هذا المجال، مشددين على اتخاذ التدابير الإضافية، عند الاقتضاء؛ لمنع إساءة استخدام الكيانات الاعتبارية، وغيرها من الترتيبات القانونية، في غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، ويشمل ذلك حينما تكون جريمة الفساد هي الجريمة الأصلية، متعهدين بمنع المجرمين من الهروب من العدالة، بغض النظر عن مناصبهم أو مكانتهم الاجتماعية، والتصدي لعمليات إخفاء عائدات الفساد عبر الحدود، ومتابعة تجريم أفعال الفساد الإجرامية وملاحقة مرتكبيها، واسترداد الموجودات المسروقة التي صُودِرَت، وإعادتها، متى ما كان ذلك مُناسباً، وبما لا يتعارض مع القوانين المحلية والالتزامات الدولية.وأوضحوا أن لكل دولة من دول مجموعة العشرين قانونا وطنيا نافذا لتجريم الرشوة، بما في ذلك رشوة الموظفين العموميين الأجانب، والعمل على تعزيز الجهود الرامية إلى منع الرشوة المحلية والأجنبية وكشفها والتحقيق فيها وملاحقة مُرتكبيها ومعاقبتهم بفعالية، مبينين الالتزام بتعزيز نزاهة وكفاءة القطاع العام والخاص، والمنظمات غير الحكومية، والالتزام باتباع نهج قائم على تعدد أصحاب المصلحة في مجالَي منع الفساد ومكافحته، وذلك من خلال تعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية والأفراد والجماعات خارج القطاع العام، بما يشمل المجتمع المدني، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات المجتمعية، ووسائل الإعلام، والقطاع الخاص. وفي سبيل المضي قدما شدد الوزراء على متابعة جدول أعمال شامل ومتكامل لمكافحة الفساد، مع مراعاة المبادئ الأساسية لسيادة القانون وحقوق الإنسان مستذكرين الموقف المتمثِّل في عدم التسامح مطلقًا مع الفساد.
تعزيز مشاركة المرأة في الاقتصاد العالمي
وناقش الاجتماع الافتراضي الرابع لتحالف القطاع الخاص لتمكين ودعم التمثيل الاقتصادي للمرأة «تمكين»، تحت رئاسة السعودية لمجموعة العشرين، التقدم المحرز للقطاع الخاص في تعزيز مشاركة وتمثيل المرأة في الاقتصاد العالمي.
وقال البيان الختامي للاجتماع: «تعد المشاركة العادلة للمرأة في سوق العمل، وتعزيز استفادتها من الفرص وتقدمها نحو المناصب القيادية في القطاعين العام والخاص أمرا أساسيا لتمكين المرأة اقتصاديا، ففي حين سعينا جاهدين إلى التعافي من التبعات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لجائحة فيروس كورونا المستجد، والآثار الجسيمة التي خلفها على النساء والفتيات، فإننا ممثلو القطاع الخاص لتحالف تمكين نعمل للاستفادة من الفرصة التي أتاحتها هذه الجائحة بشكل فعال لزيادة الفرص المتاحة للمرأة كمحرك رئيس للتعافي الاقتصادي وتقليل الفجوات بين الجنسين».
وحث تحالف «تمكين» جميع مؤسسات القطاع الخاص على اتخاذ خطوات لتمكين المرأة اقتصاديا ودعم تقدمها نحو المناصب القيادية، وانطلاقا من أهمية تشجيع اتخاذ إجراءات عملية داخل أوساط القطاع الخاص، تم إعداد تعهد طوعي لتحالف «تمكين» ليدعمه ممثلو القطاع الخاص من دول مجموعة العشرين والدول الأخرى من خارج إطار المجموعة، يحتوي هذا التعهد على عدة التزامات للجهات الموقعة من القطاع الخاص وتمثل شركات أو مؤسسات، ومن جملة هذه الالتزامات: وضع أهداف داخلية، تطبيق منظور عادل بين الجنسين في إتاحة الفرص للمناصب القيادية، وجمع المعلومات ذات الصلة بالجنسين، وتبني ثقافة العمل الداعمة والشاملة، وتشجيع تهيئة بيئة إيجابية في عالم الأعمال، والتعاون بفعالية مع شبكة علاقات تحالف «تمكين» لمشاركة الدروس المستفادة.
واجتمع تحالف «تمكين»، المكون من ممثلين عن القطاع الخاص والمدعوم بممثلي الجهات الحكومية لدول مجموعة العشرين والدول المدعوة - خلال الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين - لتعزيز تقدم المرأة في القطاع الخاص. ويسعى التحالف إلى تحقيق وصول المرأة إلى مزيد من الفرص وذلك من خلال تحقيق تعاون أكبر بين القطاعين الخاص والعام بهدف إزالة المعوقات التي تحول دون مساهمة المرأة في الاقتصاد.