م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. يُنْسب للفيلسوف الألماني (نيتشه) قول متطرف وهو: «لا تقوم صداقة بين رجل وامرأة إلا إذا كانت المرأة بشعة».. وهو رغم تطرفه يشير إلى شيء في النفوس يرى «نيتشه» وآخرون غيره أنه هو الأعم الأكثر.. وهو أن أي علاقة متبادلة بين الرجل والمرأة لا بد أن تنتابها أحاسيس ومشاعر مختلفة عما تعنيه الصداقة.. فلو رأى الرجل أن تلك الصديقة جميلة أو رأت المرأة أن ذلك الصديق وسيم سيكون هناك انجذاب مضمر مهما تم إنكاره.
2. كلنا صنعنا معظم صداقاتنا من زملاء الدراسة ثم زملاء العمل.. واليوم تعيش بلادنا مرحلة إتاحة الفرصة الكاملة للمرأة السعودية للانخراط في سوق العمل.. مما حول بيئة العمل من ذكورية بحتة إلى بيئة عمل مختلطة.. فهل من الممكن أن تنشأ صداقات بين الزملاء والزميلات؟
3. هذا موضوع شائك والتحليلات فيه سوف تُشَرِّق وتُغَرِّب.. ومحاكمة النيات ستكون شاهد إثبات أو نفي.. فالمعتاد سوف يتغير والثابت أصبح متحولاً.. ولن تكون المهمة سهلة على المجتمع بعمومه.. ويكفي الصراع الذي تعيشه الأسر مع بناتها في التحول من النقاب إلى الحجاب.. فكيف ستكون الحال مع صداقة بناتهم أو زوجاتهم مع زملائهم الرجال أو العكس؟
4. التوسع في توظيف المرأة سوف يمنحها المزيد من الاستقلالية.. ويعيد تشكيل الأدوار داخل الأسرة.. وقيادة المرأة لسيارتها سوف يسهم في زيادة مشاركتها في العمل والفعاليات المجتمعية.. وقرار الدولة بمشاركة المرأة في الحياة العامة سوف يُحْدث طفرة على كل المستويات الاجتماعية والفكرية والاقتصادية.. وسوف يعيد تشكيل القيم والمفاهيم المجتمعية.. فكيف ستواجه الأسر كل ذلك؟
5. حتى نصل للإجابة دعونا ننظر إلى القضية من منظور آخر.. هل من العقل محاكمة الناس على نواياهم؟ بالطبع لا.. إذاً كيف سنحاسب أحداً على الانجذاب وهو لم يتعد الفكرة الآثمة التي يتم طردها من النفس فوراً ويصاحبها أحياناً تأنيب الضمير؟ ثم إذا عرفنا أننا في الحقيقة نواجه أفكاراً منشؤها العادات المجتمعية التي خُلق الرهاب حولها.. وإلا فالعالم كله مختلط وأي تجاوز للصداقة إلى العلاقة بين رجل وامرأة فهي حالات فردية وقليلة لدى كل شعوب الأرض.
6. التأثيرات التي ستحدثها «رؤية المملكة 2030» كثيرة وعميقة.. منها تغيير سمات الأسرة السعودية من نواحي قيم العمل والعلاقات الإنسانية واحترام الوقت ونمو الوعي بالمفهوم الحقيقي للحياة.. هذا بدوره سوف يؤثر على مفاهيم المجتمع بخصوص الزواج.. وانخفاض معدلات الإنجاب.. وارتفاع سن الزواج.. وتقليص حجم الأسرة.. وانكماش الزواج التقليدي القائم على «الشوفة الشرعية» مقابل الزواج الناتج عن سابق معرفة واتصال.. واتجاه الأزواج الجدد للسكن في الشقق الصغيرة.. وصداقات العمل بين الجنسين.