عبدالوهاب الفايز
الحديث الذي بثته وكالة الأنباء السعودية لسمو ولي العهد الأسبوع الماضي تضمن عديداً من الأمور المهمة التي تستحق أن نقف عندها لنبحث آثار الإنجازات التي تحققت في الفترة الماضية، فما تحقق سيكون المرتكز المهم لمستهدفات الحكومة في السنوات المقبلة، وما لفت الانتباه بشكل كبير هو توجه الحكومة لتخصيص استثمارات جديدة في مجالات حيوية للاقتصاد عبر صندوق الاستثمارات العامة، ومن هذه المجالات ما يخدم التوجه لتنمية الإيرادات غير النفطية.
من الإنجازات النوعية نجده في توسع (الاستثمارات المحلية) لصندوق الاستثمارات العامة، فقد ذكر سموه أن استثمارات الصندوق المحلية بلغت (78 مليار ريال في 2017، و79 مليار ريال في 2018م، و58 مليار ريال في 2019م، ونستهدف 96 مليار ريال في عام 2020م بمجموع 311 مليار ريال خلال السنوات الأربع الماضية، ما أسهم في خلق أكثر من 190 ألف وظيفة).
المفرح أن إيجاد الوظائف يأتي في أولويات الحكومة لمحاصرة مشكلة البطالة، بالذات بين النساء، وطبقاً لما ذكره سمو ولي العهد، (في عامي 2021م و2022م سيضخ الصندوق ما يقارب من 150 ملياراً سنوياً في الاقتصاد السعودي، وبازدياد سنوي حتى عام 2030م. وستُوفَّر هذه السيولة من خلال تسييل وإعادة تدوير استثمارات الصندوق للدخول في فرص جديدة، وخلق دورة اقتصادية محلية تمكّن بروز قطاعات جديدة، والإسهام في توفير إيرادات جديدة للدولة).
الاقتصاد السعودي يحتاج (تنمية قطاعات جديدة) حتى نتمكن من توسيع فرص العمل، في مجالات واعدة مثل تقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي، والتقنية الحيوية، وإدارة المدن والنقل، فهذه تحتاج استثمارات واسعة في البنية الأساسية وبناء الكوادر البشرية، وهنا يأتي الدور التنموي الحيوي لصندوق الاستثمارات العامة، فدخول الصندوق في هذه المجالات عبر (إنشاء الكيانات الاستثمارية المتخصصة) سوف يتيح تنمية الوظائف ويوجد فرصاً استثماريه للمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
مثلاً، في قطاع تقنية المعلومات هناك عديد من الفرص لتنمية الوظائف التي تخدم المرأة. لدينا الآن عديد من الشركات التي نقلت وظائفها إلى خارج المملكة عبر ما يعرف بـ(مراكز الاتصال). هذه لها حاجة قائمة في السنوات المقبلة في القطاعين العام والخاص. الحكومة قادرة على إنشاء شركات متخصصة في هذه الخدمات تخدم القطاعين، وهذا المجال وحده يفتح أكثر من 100 ألف وظيفة.
وفيما يخص الحملة المستمرة للقضاء على الفساد في المملكة، كان سمو ولي العهد صريحاً في التأكيد على خطورة تنامي الفساد في بلادنا خلال العقود الماضية حيث أصبح، كما يقول سموه، (مثل السرطان، وأصبح يستهلك 5 في المائة إلى 15 في المائة من ميزانية الدولة، ما يعني أداءً أسوأ من 5 في المائة إلى 15 في المائة على أقل تقدير في مستوى الخدمات والمشاريع وعدد الوظائف وما إلى ذلك. ليس فقط لسنة أو سنتين، ولكن تراكمياً على مدى ثلاثين سنة، وإنني بصدق أعد هذه الآفة العدو الأول للتنمية والازدهار وسبب ضياع عديد من الفرص الكبيرة في المملكة العربية السعودية).
وطمأن سموه المواطنين على أن الفساد (أصبح من الماضي ولن يتكرر بعد اليوم على أي نطاق كان دون حساب قوي ومؤلم لمن تسوّل له نفسه، كبيراً أو صغيراً). الحزم والعزم في مواجهة الفساد بالآليات النظامية، مع توفير الدعم السياسي والمادي والبشري لمواجهة هذا التحدي الوطني، يجعلنا نطمئن على مستقبل بلادنا، وحيوية مؤسساتها، والأهم تحقيق العدالة بين جميع المواطنين، لكي ينعموا جميعاً بخير بلادهم.
سبق أن ذكرت هنا أننا جميعًا بقدر فرحنا بجهود مكافحة الفساد، إلا أننا نحزن ونتألم لتورط مواطنين سعوديين بهذا المرض. لذا نفرح بالحرب على الفساد، فمن واجبات الدولة حماية مواطنيها من ضعفهم وجهلهم.