علي الخزيم
ظهر مزهواً بنفسه على فضائية غوغائية بائسة يحلِّل مجريات الانتخابات الأمريكية ويرسم توقعاته المستقبلية لما سيكون عليه حال الولايات المتحدة بعدها؛ بطرح وادعاءات توحي وكأنه رئيس هيئة خبراء عالمية متخصصة بالشأن السياسي والاقتصادي الدولي، وهو المأجور المسترزق بين يدي سيده الحوثي الذي يُنفِّذ جرائم نظام طهران باليمن الشقيق، كما يعلم علم اليقين أن سيده القزم وما يُسمى ولِيّ الفقيه ما زالا يقترفان أبشع الجرائم بحق أهله وبلده حتى بات (اليمن الشقي) بعد أن كان اليمن السعيد، وكان الأحرى به - لو كان صادقاً ومنصفاً - أن يتصدى عبر المنابر الإعلامية الرصينة غير المنحازة لقضايا بلده والمنافحة لتخليصها من براثن مجرمي الحوثي ونظام طهران وحزب الشيطان، كما كان الأجدر به أن يترك هذه الحوارات لمن يفقهون معنى الحرية ويتنفسونها سائر أوقاتهم في بلاد تمنحهم العزة والكرامة؛ لا حوثي يسومهم سوء العذاب والقهر!
ومن الطرائف المصاحبة لمجريات الانتخابات الأمريكية أن صاحب استراحة يُربِّي بها الدجاج البلدي لتفضيله لبيض هذا النوع من الدجاج حفاظاً على صحته (المزعومة)، إذ إنه يُدخِّن باستراحته كل ليلة ثلاثة رؤوس من الشيشة وما تيسَّر من سجائر مع إبريق الشاي بالسُّكر قبل الكبسة العامرة باللحوم والشحوم، صاحبنا هذا كان شغوفاً بمتابعة الانتخابات وكل ليلة يتسمَّر أمام التلفزيون لساعات؛ ويجادل هذا ويناقش ذاك بحماس منقطع النظير حتى ليُخيَّل لك أنه مكتشف أمريكا أو واضع دستورها! قال له أحد مسامريه باستراحته: لعلك تمنح جزءًا من حرصك على أمريكا لاستراحتك ودجاجك التي تتعرَّض للسرقة كل شهر، فدجاجك في تناقص ملحوظ يدل عليه عدد إنتاج البيض كل أسبوع، لم يفهم المراد! فأفصح له بالقول: يا رجل انتبه لدجاجك وأمورك الخاصة ودع ما لا يعنيك فرئيس أمريكا غني عن رأيك ولا يعلم عن وجودك بالكون.
وموظف بمؤسسة كسول ضعيف التأهيل عُرف عنه كثرة الأعذار مع كل غياب وتأخير عن العمل، فإن فاز فريقه الكروي المفضَّل أو خسر يسهر لمتابعة الحدث عبر البرامج الرياضية إلى وقت متأخر من الليل فيأخذه النوم، ورئيسه قد كشف سلوكه بالتراخي عن العمل غير أنه يعطف عليه ويخشى إن هو اتخذ بحقه أي إجراء أن يؤثِّر على مستقبله فلن يجد عملاً آخر، وصُعِق الرئيس اللطيف حين حضر هذا الموظف ذات يوم متأخراً وكان عذره الجديد أمام المدير أنه كان يتابع الانتخابات إلى قرب الفجر نظراً لاختلاف التوقيت بيننا وبين أمريكا، وأردف قائلاً باللهجة الدارجة وبكل ثقة: (وش أسوي يعني تبيني أغيّر اتجاه الساعة)؟! عندها أدرك المدير - بعد نقاش قصير- أن متابعاته لا تمت للرياضة ولا السياسة ولا (حسن الخلق) بصلة، فكانت نتيجة هذا الادعاء الانتخابي السياسي الأهوج خسارته لوظيفته وعجزه الآن عن دفع (قَطَّة) الاستراحة، قال المعري:
(يا أُمَّةً مِن سَفاهٍ لا حُلومَ لَها
ما أَنتِ إِلّا كَضَأنٍ غابَ راعيها)
وقال البارودي:
(فَلَوْلا وُجُودُ الْعِلْمِ مَا عَاشَ جَاهِلٌ
وَلَوْلا وُجُودُ الْجَهْلِ مَا عَاشَ عَالِمُ)