منذ بدأت الحركة الكشفية تنتشر حول العالم، التي تجاوز عمرها حتى الآن 113 عامًا، وهي تهتم بالأناشيد الوطنية، وأناشيد المناسبات التي تنظمها الدول أو تستضيفها، ومن بينها الكشافة السعودية منذ تأسيسها عام 1381هـ. وظهر ذلك التقليد الذي تحتشد بين أبيات القصيد فيه المعاني والذكريات والصور؛ لتكون بطاقة هوية لتلك المناسبة.
وقد انبرى لتلك المناسبات ذات العلاقة بالكشافة السعودية العديد من شعراء الوطن وغيرهم، الذين ما زالت كلمات قصائدهم، أو ما يسمى في عرف الكشافة نشيد المناسبة، تصدح في كل مناسبة رغم مرور عشرات السنين على بعضها خاصة التي يكون لحنها سهلاً، ويمكن ترديده لمختلف الأعمار، أو ما تكون كلماته غزيرة المعنى؛ فيحفظها الغالبية.
ولعل من أبرز تلك القصائد أو الأناشيد تلك التي كتبها شاعر الكشافة إبراهيم المدلج، ورددها الكثيرون، وانتشرت في حينها على أشرطة الكاسيت، وكانت ترتفع بها أصوات المايكروفونات في المعسكرات والمسيرات الكشفية، وجاء في مطلعها:
حيوا معي الكشاف والجوالا
شدوا على أيديهما إجلالا
وخذوهما بين المحاجر وافتحوا
لهما القلوب معسكرًا ومجالا
حتى إذا ما التم عقدهم
بين الجوانح: أوثقوا الأقفال
حيوهمو فتيان روح شامخ
في نهجه ومرامه ورجالا
ومن القصائد التي ما زالت عالقة في الأذهان هاتان القصيدتان اللتان كتبهما الشاعر محمد منير الجنباز، اللتان يرددهما الكشافة والجوالة والقادة دائمًا في ختام المناسبات. وتبدأ إحداهما بقوله:
قالوا لنا حان الوداع
حان الفراق مع الضياع
من بعد ما كانت لنا
دار بها أحلى اجتماع
هل بعد هذا نفترق
لا لن نفترق
هل بعد هذا نبتعد
لا لن نبتعد
وقصيدته الأخرى التي جاء في مطلعها:
أنا الكشاف في صدري
ضياء الخير والحب
أنير القلب بالتقوى
فتجلو وحشة الدرب
أحب الناس أخدمهم
لأرضي فيهم ربي
فإن شاهدت محتاجا
يريد العون أعطيه
وأن صادفت ظمآنا
زلال الماء أسقيه
فإني قد تهيأت
لإسعاف وإنقاذ
ومن الأناشيد التي يرددها الكشافة في الكثير من مناسباتهم تلك التي كتب كلماتها إبراهيم بن عبدالعزيز الفوزان، التي قال في مطلعها:
نحن الكشافة من نحب
نسمو بالدين إلى الشهب
دين الإسلام لنا نسب
من عجم كنا أو عرب
والعز سما فينا حتى
أقعدنا في أعلى الرتب
همتنا دومًا للعليا
تعلو بالجد على السحب
إلى أن يختمها بقوله:
سأظل أردد معتقدي
دين الإسلام مدى الحقب
وأظل لأمتنا ذخرًا
أفديها من كل الكرب
ويحفظ ممارسو العمل الإعلامي الكشفي تلك القصيدة التي كتبها عبدالعزيز بن عبدالله الفالح، التي يمتدح فيها مجلة السارية الكشفية التي ظهرت بثوب جديد عام 1418هـ بعد أن كانت على هيئة نشرة منذ بدء صدورها عام 1414هـ، وقال في مطلعها:
تجلت ضياء تباهي الخيالَ
ولاحت كطيف ينير المجالَ
أشاعت علومًا بثوب جديد
يلوح سناها ندي يتلالا
فتنشر مسكًا وتطرب سمعًا
وتملأ عين المحب جمالا
ففيها ثمار المعارف طابت
ومنها غدا الحرف ماء زلالا
وبين الصحائف فاح عبير
فتشدو البلابل لحنًا تتالى
أسارية الكشف هيا امنحينا
مآثر جيل يروم الهلالا
ومن أجمل القصائد تلك التي ألقاها أديب الكشافة السعودية عبدالعزيز بن إبراهيم السراء، التي ألقاها أمام صاحب السمو الملكي الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة -رحمه الله- خلال زيارته معسكر الكشافة في عرفات موسم حج 1423هـ، ولا يزال الكشافة على مَر السنين يرددونها، خاصة في موسم الحج. وكان مما جاء فيها:
لم العرفات ترفل بالورود؟
أفجرٌ لاح أم أنوار عيد؟
أم الكشافة الجذلى ابتهاجًا
تغرد في لقا (عبدالمجيد)
فمرحى بالأمير ولست وحدي
معي حياك نبض الوريد
معي حياك فتيان شباب
رقاق القلب في عزم الأسود
فمرحى بالأمير عند كل حال
أدام الله حالك في سعود
وفي المناسبات الكبرى التي استضافتها الكشافة السعودية تعتبر قصيدة (نشيد) للشاعر إبراهيم المدلج، التي نظمها للمخيم الكشفي الثالث لدول مجلس التعاون الخليجي، الذي عُقد بالطائف عام 1413هـ، من أكثرها تناقلاً بين الأجيال، التي جاء في مطلعها:
إيه كشاف الخليج
يا شذى النفح الأريجي
أصدح اليوم وأنادي
وأنشد في الحفل البهيج
أنا كشاف الخليج
كلنا لله جند
ولأرض الطهر زند
بذلنا لا... لا يحد
همنا في السعي مجد
فأنشد في الحفل البهيج
أنا كشاف الخليج
إضافة إلى النشيد الذي كتبه للمخيم الكشفي العربي الرابع والعشرين، الذي استضافته المملكة بالطائف عام 1421هـ، الشاعر موسى بن محمد السليم، وكان مطلعه:
بالحب قد أتينا كشافة العروبة
جئنا هنا التقينا في منبع العروبة
ما أجمل اللقاء يزدان بالبهاء
يشع بالهنا والجد والعطاء
ما أجمل اللقاء عطاؤه الوفاء
ما أجمل اللقاء وعطره الإخاء
ونشيد المخيم الدولي الكشفي للتعرف على الحضارات وتبادل الثقافات، الذي نظمته المملكة في الجبيل عام 2006، الذي كتب كلماته عبدالعزيز السراء، وجاء فيه:
حمدًا لك الله أنت المبتدا
إنا رفعنا بالدعاء لك اليدا
فامنن علينا بالسلام.. أنت السلام
وامنن علينا بالأمان.. منك الأمان
المنادي.. من بلادي
قام في الدنيا ينادي
داعيًا كل النوادي
في الحواضر.. والبوادي
داعيًا نحو السلام.. هيا هيا للوئام
كما خلد التاريخ الكشفي قصيدة عبدالقادر محمد قدور، التي كتبها كنشيد لمعسكر التفوق الكشفي الذي أُقيم في نجران، وجاء فيه:
نحن كشاف الجزيرة
نحن للناس المثل
ولنفع الغير نسعى
دون يأس أو كلل
كلنا للحق عشنا
للهدى منذ الأزل
وهناك الكثير من القصائد والأناشيد التي كتبها بعض القيادات الكشفية في مناسبات كشفية عدة، لكنها لم تأخذ الاهتمام والحفظ والترديد من الأجيال الكشفية المتعاقبة مثلما ذُكر هنا؛ إذ انتهت الكثير من الأناشيد بانتهاء مناسبتها لأسباب عديدة، يدركها الكشافون أنفسهم.