سهوب بغدادي
«يا ابن المحظوظة يا فوزي» يعد هذا التعبير أو أحد ال «قفشات» واسعة الانتشار في الأفلام العربية والحياة اليومية. حيث يعرف الجميع تماما معنى أن يكون الإنسان محظوظا، فهل هنالك طريقة لجلب الحظ؟ أم أن الشخص يولد وحظه معه؟
كما تتعدد تعاريف الحظ انطلاقا من الأمور الخارجة عن الإرادة إلى العشوائية والخرافات. لطالما مررنا بموقف فسرناه بأنه حظ عاثر أو يوم منحوس أو شخص منحوس، مثال على ذلك أن ينهض الشخص مبكرا ليذهب إلى العمل دون تأخير فيصادف حادثا مروريا مما يتسبب في تأخره عن العمل، فيكون تفسير الشخص»نعم، أعلم أن شيئا سيئا سيحدث»، كما هو الحال مع التخطيط لحفل زفاف في الهواء الطلق لتأتي الرياح والأمطار وتفسد الفرحة، من ثم يلقي العروسان اللوم على الحظ العاثر بالاستناد مسبقا على التمحيص المكثف عن أحوال الطقس قبيل الشروع في الفكرة، وهذا السيناريو لا بأس به، فقد يصل البعض إلى إلقاء اللوم على العروس المنحوسة والقادم سيكون في علم الخالق! حسنا، إن هذا المقال محاولة تفسير ظاهرة الحظ من منظور أشمل. تقول الكاتبة جانيس كابلان وبارنبي مارش في كتابهما «كيف يحدث الحظ» أن الحظ أمر يمكن صنعه والحصول عليه، قد يتطلب الأمر المحاولة لأكثر من مرة أو العمل الدؤوب لعدة سنوات. وبرأيي أن هذا المنطلق صحيح بالإضافة إلى الاستناد المنطق والتجربة فيعرف لدى الرياضيين ما يسمى بنظرية الاحتمال Probability theory وهي النظرية التي تدرس احتمال وقوع الحوادث العشوائية، حيث تحدد احتمال حصول أو عدم حصول حدث معين عشوائي أي غير مؤكد. وأضرب لكم مثالا حيا من يومي بالأمس، سهوب إنسانة تعاني من الارتجاع وحرقة في المعدة، عدت إلى المنزل بعد الدوام لأجد ما لذ وطاب من الطعام، خاصة تلك الشطيرة المطهوة بصوص لاذع بديع، لآخذ بعدها كوبا من القهوة السوداء، من ثم ألقي يدي على بعض المفرحات عن طريق الصدفة. من ثم أعمل على كتابة مقال كهذا مثلا فأشعر بالحرقة الشديدة في الليل، فأطلب من والدي أن أذهب إلى البقالة لشراء الآيسكريم- أبرد على جوفي- فأذهب وأبتاع لكل شخص نكهته المفضلة محمد أخي الأصغر يريد المانجو وسندس تريد التوت وأنا أريد الكرز بالحليب والعاملة ميسي تريد نكهة المانجو أيضا.
بعد شرائي للآيسكريم لم أتمالك نفسي خلال قيادتي للسيارة فمددت يدي في الكيس لأبحث عن نكهة الكرز بالحليب –دون النظر إلى الكيس لأن الأمر خطير ولا أنصح بتجربته- فكانت أول نكهة التوت من ثم أعدتها إلى الكيس وأخذت الأخرى فكانت المانجو وأعدت الكرة فكانت مانجو فشعرت بالغيظ وأقفلت المذياع من ثم أعدت الكرة فكانت المفاجأة أن نكهتي أصبحت ملك يدي. ما حدث ببساطة هو تطبيق عملي لنظرية الاحتمال باعتبار أن نكهة الكرز بالحليب 1 والنكهات الأخرى أكثر وأترك لكم العد. أيضا ما قمت به بالأكل أثناء القيادة قد يتسبب في حادث بشر لا قدر الله لتتابع الأحداث من البحث عن الآيسكريم إلى إغلاق المذياع إلى تذبذبي على الطريق وخروجي في وقت متأخر في الليل وأنا أشعر بالنعاس. فالحادث المروري كان بسبب الآيسكريم الذي خضع لنظرية الدومينو أي تتالي الفعل. وقد أفسرها بطريقة خرافية بأن أقول «أعلم أن شيئا ما سيحدث» بالرجوع إلى قانون مورفي الذي ينص على أن «أي شيء بإمكانه أن يسير في الاتجاه الخاطئ، سيسير بالاتجاه الخاطئ» ولكن العقل الباطن له التأثير بشدة وبعنف على مساراتنا في الحياة. فالخوف يدفعنا إلى عدم المبادرة والخروج من منطقة الأمان، الخوف أيضا قد يحمينا من حدوث أمر مريع كالحادث المروع. إذن، ماذا نفعل؟ الحل المثل في بعد النظر وحساب الإيجابيات والسلبيات وتحليل المواقف واستشراف القادم من ثم التوكل على الله. وإن لم تحصل على الحظ فحاول مرارا وتكرارا فالحظ سيكون حليفك بالتأكيد.
«كل متوقع آت فتوقع واعمل لما تتمنى» .