عمر إبراهيم الرشيد
تعد الرياض رابع أسرع مدن العالم نمواً وفي ظني أنها سوف تتقدم في الترتيب قياساً إلى استمرار النمو والتوسع العمراني. ومعروف أن هذا التمدد الأفقي السريع والمترامي له ثمنه من ضغط على الخدمات وازدحام مروري وتلوث بيئي وغير ذلك، لكن المبادرات الأخيرة وأهمها مشروع تشجير الرياض سوف تسهم في إعادة رئتها الخضراء مقابل هذا الزحف الخرساني الهائل، والقول ينطبق على باقي مدن المملكة نسبة وتناسباً. إنما أزعم أن الإدارة العامة للمرور قد استطاعت أن تطور أساليبها وطريقة عملها باعتماد التقنية وثورة الاتصالات في لجم سعار هذا التغول المروري، وبالتالي تخفيف نسب الحوادث والازدحام ومدة الرحلة المرورية للسيارات والمركبات. والقرار الأخير رائع طال انتظاره والمتعلق بمراقبة وتسجيل مخالفة على تغيير المسار المفاجئ وعرقلة الحركة المرورية وهي ما يعاني منه سكان المدن الكبرى بل وحتى الأصغر، مسبباً الحوادث والازدحام وطول وبطء الحركة المرورية.
جبل البشر على التصرف حسب رغباتهم واحتياجاتهم في غفلة أو تغافل عن احتياجات ورغبات الغير أو ظروفهم، إلا ما رحم ربي، ما لم يكن هناك نظام وجزاء رادع وهذا ينطبق على كافة الأحوال، وينكشف جلياً في السلوك المروري والطرق والشوارع رغبة في الوصول إلى المكان المقصود وتخلصاً من غلواء الزحام. والتنظيم الجديد الذي اعتمدته إدارة المرور مشكورة يبشر بتخفيف الشعور بالتوتر والضغط العصبي لسكان المدن السعودية وليس العاصمة فقط، وتغيير السلوك المروري أو تهذيبه عند الكثيرين بتعبير أصح. ولا يختلف اثنان أن تغريم استخدام الجوال على سبيل المثال قد حد من نسب الحوادث ورفع الوعي بحسن استخدام التقنية وثورة الاتصالات، بدل جعلها مادة للهو واستخدامها بشكل أهوج مضر للمستخدم والآخرين على السواء.
قلت مدن في مدينة، وقصدت بها الرياض التي يقطنها حالياً ثمانية ملايين نسمة وهي في تزايد كل عام، ونشد على الجهود المبذولة من قبل الجهات الحكومية المختلفة لتحسين الخدمات وجودة الحياة، وهنا أطرح وجهة نظري ككاتب رأي، وأقول إنه لابد من إعادة النظر في نظام المحلات التجارية التي تطوق الأحياء وتملأ الشوارع بالآلاف، وقد كتبت من قبل كثيراً عن هذا الأمر وأعيده، ولا أدري إن كان هناك نية لدى وزارة البلديات بهذا الشأن لأنه لا يتعلق بالتلوث البصري والبيئي فحسب، وإنما يرتبط كذلك بنظام التستر التي تقوم الجهات الحكومية المعنية بحملة منظمة كبيرة للقضاء عليه بالنظر لتاثيره على الاقتصاد الوطني ونزيفه بالتحويلات المالية المهولة حالياً، فمتى نرى شوارعنا أنظف وأقل تلوثاً بيئياً وبصرياً، وأجمل عمرانياً؟!.
تحية للإدارة العامة للمرور على هذه النقلات المتتابعة ويبقى على الجمهور الواعي الالتزام بتلك القوانين حتى تكون مدننا أجمل وأجود حياة، وصحبتكم عناية الرحمن.