سام الغُباري
في اليمن قصة مجد حقيقي، كما في فلسطين والعراق، ثمة اختبار على المحك في البوابة الجنوبية للعرب، تلك التي عبر اليمانيون منها إلى دروب مضاءة يقاتلون ضد كل دعاة النبوة الزائفة، ومنها إلى عرش «كسرى» لينتزعوه محققين نبوءة الرسول الكريم بإهداء الصوان إلى سراقة بن مالك رضي الله عنه، وبعدها إلى مصر لإغاثة الإنسان وصد هجمة الروم الكاثوليك على القبط الأرثوذكس.
وحولها أغاث اليمانيون شعوبًا شتى في أقاصي الأرض إلى أن استراحت خيولهم على بوابة قوس النصر في فرانكيا وقد خلت اليمن من المحاربين الأشداء، وبقي الضعفاء والنسوة العجائز، وفتية لم يخط السواد شواربهم بعد، في تلك السنين الملتهبة تعرضت اليمن للغزو من طامعين فارسيين كانوا يخططون لحشد من تبقى للإغارة على آخر أيام الخلافة العباسية الضعيفة والقضاء عليها وتولية هؤلاء بزعم انتسابهم الزائف لنبي عربي كريم.
توقف كل شيء مثل ساعة قديمة، كأن المحاربين ماتوا فجأة، وتمزقت العروبة على جغرافيا متنازعة بين الأعاجم من فرس وترك وكُرد ومغول، كان ذلك دليلاً على أن المقاتلين اليمانيين توقفوا عن حمل السلاح، فيما كان الخلفاء والأمراء قد تآمروا على أنفسهم ونهشتهم الخلافات السخيفة، ونأى كل واحد منهم بحزبه وأشياعه ظنًا أنه سينجو بعد تداعي بوابات العروبة الأسطورية.
في اليمن اليوم حكاية تشبه التاريخ الذي يمر دون قراءة، التتار يطرقون أبوابنا من جبهات عدة، وما تزال اليمن صامدة كآخر البوابات العنيدة تجاه هجمة الفرس وأمثالهم، وكما يقول التاريخ أيضًا يجد الغزاة من يعينهم، وقد وجدوا ضالتهم في الجاليات الفارسية بصنعاء وما بعدها إلى صعدة حاملين السلاح الغادر من الداخل، في حرب شاملة فكريًا واجتماعيًا وعسكريًا، وبعد خسارة العاصمة كانت عاصمة سبأ «مارب» جائزة العروبة المذهلة، وهي تخوض حروبًا مؤلمة في عدة جبهات. هذا الجيش الذي يقاتل بشراسة ميليشيا الخيانة الإيرانية - الحوثية يحتاج لغة أكثر احترامًا، وامتنانًا علنيًا لا يتراجع أو يضعف، ويحتاج دعمًا أشمل، وذخيرة أعلى، وأسلحة أفضل، وخططًا أدق، بما يقويه لمواصلة القتال حتى النصر بإذن الله عز وجل.
.. وإلى لقاء يتجدد.