عبدالرحمن الحبيب
الدولة التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين لها دور أساسي في تحديد وتشكيل برنامج أعمال المجموعة التي تقود الاقتصاد العالمي، لذا تعد استضافة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين مصدر اعتزاز للشعب السعودي ليلهم العالم برؤيته وإدارته للقمة، حيث يرتبط برنامج أعمال مجموعة العشرين بتطور حياة الناس بالمملكة ورؤية 2030، كما يعكس سعي المملكة إلى التقدم والرغبة بمشاركة المجتمع الدولي لما فيه خير البشرية..
ستعقد قمة العشرين يومي السبت والأحد المقبلين برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وهي قمة استثنائية بكل المقاييس إذ تعد المملكة هي الدولة العربية الأولى التي تستضيف مجموعة العشرين، والدولة الشابة من بين الدول الأعضاء بالمجموعة، التي أخذت على عاتقها إحداث التحول الاقتصادي والاجتماعي الزاهر لشعبها..
كما تعد هذه القمة برئاسة المملكة قمة تاريخية لأن المملكة تقود أجندة صحية عالمية لاتخاذ إجراءات كبرى للتخفيف من تأثير جائحة كورونا وستبقى ذكراها محفورة في التاريخ.. وستكون المملكة أول رئاسة لمجموعة العشرين تقوم بعقد قمتين خلال سنة رئاسيتها؛ إذ إنه خلال أقل من أسبوعين من تصنيف وباء كورونا كجائحة عالمية دعا خادم الحرمين الشريفين إلى عقد قمة استثنائية لقادة دول مجموعة العشرين في مارس الماضي للتصدي للجائحة ولاستعراض مكامن القوة والتضامن والتعاون الدولي لمواجهة هذا الوباء.
وقبلها كان قد تم تدشين رئاسة المملكة ببرنامج عالمي طموح يتضمن سياسات اقتصادية واجتماعية مستدامة من أجل ثلاثة أهداف: تمكين الإنسان، حماية الكوكب، تشكيل آفاق جديدة؛ وذلك بناءً على ما تحقق بالرئاسات السابقة، حيث تسعى رئاسة المملكة العربية السعودية إلى تعميق التعاون الدولي تحت شعار «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع».
لذا، عملت المملكة على مواءمة أجندتها لمواجهة الجائحة خلال هذا العام، وقد التزم قادة الدول باتخاذ إجراءات لحماية الأرواح وسبل العيش والاقتصاد، أهمها: ضخ إنفاق حكومي في الاقتصاد العالمي بلغ 11 تريليون دولار للدول العشرين مجتمعة. كما تعهدت الدول في بداية الأزمة بالدعم المالي لتطوير لقاح لكورونا بأكثر من 21 مليار دولار أسهمت المملكة بمبلغ 500 مليون دولار. كذلك إطلاق مبادرة تأجيل الديون لثلاث وسبعين دولة مؤهلة وفَّرت 14 مليار دولار من خلال مبادرة تخفيف عبء الديون لدعم الدول الأقل نمواً. وكذلك الالتزام بضمان تدفق الإمدادات الطبية الحيوية والمنتجات الزراعية المهمة عبر الحدود (اللجنة الإعلامية لقمة العشرين).
رغم التحديات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا، نجحت رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين هذا العام في ضمان الاستمرارية السلسة لبرنامج أعمال مجموعة العشرين بشكل افتراضي، حيث استضافت الرئاسة أكثر من 170 اجتماعاً تضمنت أكثر من 14 اجتماعاً وزارياً استثنائياً وقمة استثنائية لقادة مجموعة العشرين.
وخلال هذه الاجتماعات نوقش الكثير من المواضيع وطرحت العديد من المبادرات.. فعلى سبيل المثال لا الحصر صادق وزراء الطاقة في مجموعة العشرين على نهج الاقتصاد الدائري للكربون لإدارة الانبعاثات والتخفيف منها، في إشارة واضحة لدعم المبادرات الجديدة لتعزيز التعافي المستدام.. وكذلك صادق وزراء السياحة على إطار عمل العلا لتعزيز السياحة ودعم التنمية المستدامة للمجتمعات..
كما اتفق وزراء التجارة والاستثمار في مجموعة العشرين على أهمية مبادرة الرياض لإصلاح منظمة التجارة العالمية باعتبارها استمراراً للجهود السابقة وفهماً لأهمية تأمين الأنظمة التجارية في أوقات الأزمات. وناقش وزراء البيئة المبادرات المقدمة من رئاسة المملكة للحد من تدهور الأراضي والحفاظ على الشعب المرجانية.
وفي خضم ذلك أعلنت المملكة مبادرات مالية قدرها 18.6 مليار دولار أمريكي لدعم جهود التعافي، وأعلنت عن حزمة تحفيز للشركات المتوسطة والصغيرة قدرها 13.3 مليار دولار أمريكي لتخطي الأزمة العالمية (اللجنة الإعلامية لقمة العشرين).
القمة الافتراضية المقبلة تهدف إلى مواصلة النقاشات التي تمت خلال القمة الاستثنائية في مارس الماضي حول الحائجة، كما ستناقش سبل التعافي على المدى الطويل بشكل أكثر قوة ومتانة واستدامة وشمول. وستكون أهم المواضيع التي سيتم مناقشتها خمسة: اللقاحات والجاهزية الصحية؛ الآفاق الاقتصادية العالمية؛ تمكين الإنسان عبر توفير الظروف الملائمة لكل الناس - خصوصاً النساء والشباب - للعيش والعمل والازدهار؛ حماية كوكب الأرض عبر رعاية الجهود الجماعية لحماية مواردنا الطبيعية؛ تشكيل آفاق جديدة عبر تبني استراتيجيات جريئة وطويلة الأجل لمشاركة الفوائد من الابتكار والتقدم التقني وتسخير الفرص التي يوفرها التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي.
تبذل المملكة جهوداً ضخمة للعمل على جعل قمة الرياض حاسمة وقادرة على إعادة الأمل والطمأنينة لشعوب العالم بمجموعة من الإجراءات الجريئة التي تحول الأمل الى واقع ملموس.. فهدف قمة الرياض: إرسال رسالة قوية بالأمل والطمأنينة للعالم أجمع.. الأمل في حل الأزمات الصحية والاقتصادية، والطمأنينة في قدرة مجموعة العشرين وتكاتفها للتغلب على هذه الأزمات..
بالعمل مع الشركاء الدوليين والمجتمع المدني وقطاع الأعمال في كافة أنحاء العالم، ستتمكن رئاسة المملكة لمجموعة العشرين من وضع أسس لاستعادة النمو والتعافي بصورة أقوى لضمان حمايتنا وتهيئتنا لمستقبل واعد وتشكيل عالم أفضل.. ولتشارك العالم في حماية حياة الناس وتحسين مستوى معيشتهم والحفاظ على كوكب الأرض وتسخير إمكانات الابتكار برحابة آفاق جديدة.