«الجزيرة» - سلطان الحارثي:
لم تكن كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد -حفظه الله- مساء يوم الجمعة الماضي بالحديث العادي، فقد تحدث سموه بشكل مفصل عن كافة المجالات الحيوية التي يهتم لها المواطن في هذه الأرض الطيبة، وكان حديث سموه واضحاً وشفافاً، ووضع النقاط على الحروف في كل ما تحدث عنه.
الرياضة السعودية كانت تشكل محوراً مهماً في نفس سمو ولي العهد قبل خطاباته، ووضح ذلك جلياً منذ أول يوم تسلّم فيه منصب ولاية العهد، وكان حديثه يوم الجمعة عن الرياضة بشكل عام يعطي انطباعاً مهماً لكل المواطنين عن أهمية هذا القطاع، ويعطينا نحن الرياضيين فخراً وزهواً حينما تكون الرياضة حاضرة في خطاب سمو ولي العهد، وما وصلت له من مرحلة مهمة في زمن قياسي.
لقد كان سمو ولي العهد منذ البداية يهتم بالوسط الرياضي ويدعمه معنوياً ومادياً، وهذه للأمانة لم تكن حاضرة من قبل، فقد كان ملوك هذه البلاد يعطون بلا منّة، ويقدمون للوسط الرياضي الكثير، ولكن اهتمام سمو ولي العهد بهذا القطاع ودعمه معنوياً قبل كل شيء كان واضحاً وجلياً للجميع، وهذا ما يجعل الرياضة تحت المجهر، لتحقيق رؤى وتطلعات سمو ولي العهد الذي من الواضح أنه يريد نقل الرياضة السعودية من مرحلة الركود التي كانت عليها إلى مرحلة التفوق والوصول للعالمية، ونحن هنا لا نتحدث عن «كرة القدم» فقط، بل نتحدث عن رياضة شاملة كان ولي العهد حريصاً عليها وعلى تفوقها وريادتها، بل اهتم بصحة المواطن من خلال الرياضة، إذ كان هناك توجيه من سموه بتهيئة الأحياء في كافة المناطق لرفع نسبة الممارسين للرياضة، وهذا ما حدث بالفعل، إذ بحسب حديث سموه ارتفعت نسبة الممارسين من 13 في المائة عام 2015 إلى 19 في المائة عام 2019، وهذا رقم جيد، وبالتأكيد سيرتفع مع مرور السنوات خاصة بعد زيادة الوعي لدى المتلقي بأهمية الرياضة، لنصل إلى الرقم الذي يطمح سمو ولي العهد لرؤيته في عام 2030.
وعلى مستوى الاتحادات المختلفة، فقد اتضح دعم سموه لها، سواء بتحقيق الإنجازات مثل وصول منتخب كرة اليد للعالمية، أو من خلال الاستضافات الكبيرة والمهمة التي قامت بها بعض الاتحادات، ولعل آخرها الإعلان عن استضافة فورمولا1 التي كانت حلماً وأصبحت بفضل دعم سمو ولي العهد حقيقة، إذ تعد هذه المسابقة من أهم السباقات على مستوى العالم، ويتابعها الملايين في أنحاء العالم، كما تم قبل هذه الاستضافة استضافة فورمولا آي، ورالي داكار، كما تم استضافة المصارعة الحرة في جدة، واستضافة السوبر الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة على مستوى كرة القدم، واستضافة السوبر الايطالي، كما تم استضافة بطولة السوبر كلاسيكو بين البرازيل والأرجنتين، وغيرها من الألعاب والسباقات التي كانت يوماً ما حلماً لدى كل السعوديين، فأصبحت واقعاً نشاهده بالأعين ونستطيع حضوره، وهذا لم يكن ليحدث لولا دعم واهتمام سمو ولي العهد في القطاع الرياضي.
وعلى مستوى كرة القدم، فقد أعلن سمو ولي العهد بأن القيمة السوقية للدوري السعودي ارتفعت لتصبح الأعلى على مستوى الدوريات العربية، ومن أعلى 20 دورياً على مستوى العالم، وهذا كان واضحاً للمتابع الرياضي الذي شهد الفرق بين الدوري السعودي سابقاً وحالياً، ولا يمكن المقارنة بينهما، فالدوري السعودي الآن أصبح يعج بكثير من اللاعبين العالميين، وأصبحت قيمته السوقية عالية جداً، ولا يمكن مقارنتها بأي دوري عربي، كما أن ارتفاع القيمة السوقية أثر بشكل مباشر في ارتفاع القيمة الفنية لكافة الفرق لتصبح متقاربة في المستويات، ولا يمكن التنبؤ بفوز فريق على آخر في ظل المستويات الكبيرة لكافة الفرق، وهذا ما جعل الدوري السعودي مشوّقاً بدرجة كبيرة، ومتابعاً من كافة الدول العربية، لا نقول ذلك اعتباطاً، بقدر ما تؤكده وسائل التواصل الاجتماعي التي تعج بكثير من المتابعين للدوري السعودي الذين يعرفون كافة التفاصيل التي تتعلق بكرة القدم السعودية، وهذا كله بفضل دعم سمو ولي العهد للأندية السعودية التي بدأها بتسديد كافة الديون المتراكمة عليها والتي تجاوزت نصف مليار ريال سعودي، كما تم دعم كل الأندية بمبالغ مالية كبيرة في جميع صفقاتها الأجنبية، وهو ما جعل الأندية تجد أرضية خصبة للمنافسة، وتحقيق بعض تطلعات سمو ولي العهد ليرتفع رتم الدوري السعودي وينتزع الأفضلية العربية ويكون من ضمن أفضل الدوريات الـ20 عالمياً.
دعم سمو ولي العهد للرياضة بشكل عام، ولكرة القدم بشكل خاص، جعلنا اليوم نتفوق ونحقق جزءاً من أهداف سمو ولي العهد، فهذا المنتخب السعودي الأول يصل لكأس العالم 2018 في روسيا بعد غياب استمر 12 عاماً، ولكن بدعم سمو ولي العهد استطعنا الوصول، ونحن لا نتحدث عن دعم مالي فقط، بل كان لدعمه المعنوي دور مهم في تجاوز منتخب اليابان في جدة، تلك المباراة المفصلية التي كنا نحتاج فيها إلى الفوز لنتأهل، فما كان من سموه إلا الحضور في المنصة، وهذا شكّل منعطفاً مهماً بالتأكيد أنه أثر في نفوس اللاعبين الذين حققوا المراد بالتأهل بعد غياب طويل، وهذا منتخبنا الشاب تحت 20 سنة يتأهل لكأس العالم عام 2019، بينما تأهل منتخبنا الأولمبي لأولمبياد طوكيو 2020، وعلى مستوى الفرق، فقد حقق فريق الهلال منجزاً فريداً، احتفلت به السعودية أياماً طويلة، فقد حقق الزعيم دوري أبطال آسيا في نسخة 2019 بعد غياب الفرق السعودية عنه لمدة 14 سنة، إذ كانت آخر إنجازاتنا منذ عام 2005، وكان لدعم سمو ولي العهد دور في تحقيق هذا المنجز السعودي الذي أفرح السعودية بكافة أطيافها، وأول الفرحين بذلك الإنجاز كان سمو ولي العهد الذي استقبل فريق الهلال وهنأهم بالمنجز الذي كان له دور كبير في تحقيقه.
دعم واهتمام وقرب سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من القطاع الرياضي كان له أثر واضح وتأثير جلي في انجازات على أرض الواقع، وإن كان طموح سمو ولي العهد لم يتحقق حتى الآن، لأن سموه يريد الرياضة السعودية لامعة دائماً، وتكون حديث المجتمع الرياضي العالمي بعد أن أصبحت اليوم حديث المجتمع الرياضي الخليجي والعربي والآسيوي، وهذا طموح عالٍ، طالما يقف خلفه شخصية مثل سمو ولي العهد فنحن متأكدون بأنه سيتحقق يوماً ما.
بقي أن نقول: سمو ولي العهد -حفظه الله- اختار للرياضة السعودية عبر هيئتها التي تحولت لاحقاً إلى وزارة، اختار شخصيتين كانتا عند طموح ولي العهد، وفي وقتهما تحققت الإنجازات، فالشخصية الأولى هو معالي تركي آل الشيخ الذي نجح في الرياضة السعودية نجاحاً باهراً وتحول فيما بعد لهيئة الترفيه ونجح، والشخصية الثانية هو الرياضي المتخصص الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل الذي مع قدومه شاهدنا قفزات هائلة للرياضة السعودية، وهذا النجاح للشخصيتين كان يقف خلفه سمو ولي العهد بدعمه المعنوي والمالي وقربه منهما وحرصه على تهيئة أجواء النجاح لكل من يعمل مع سموه.