أكثر من 192.467 لغماً تم إزالتها من اليمن، في إطار حملة المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن «مسام» الذي استمر حتى الآن لمدة سنتين، وشمل مناطق ومحافظات هذا البلد، ولم يكد ينتهي الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر الجاري حتى تم تنفيذ عمليات انتزاع 1413 لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة.
تبلغ عدد الألغام التي زرعتها الميليشيات الحوثية حتى الآن أكثر من مليون لغم في المحافظات اليمنية منذ بداية الحرب قبل ست سنوات، وفقاً للأرقام الرسمية من الحكومة الشرعية، وهي النسبة الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية، وفي ظل الاستراتيجية الممنهجة التي اعتمدتها الميليشيات في استخدام الألغام والمتفجرات بكافة صنوفها، منذ انقلابها على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014م، فإنها قد أودت بحياة الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ، وتسببت بعاهات دائمة، والتي أثقلت كاهل المنشآت الصحية والعلاجية، وتسببت في خسائر اقتصادية للأفراد والمجتمع، وكانت المملكة من أول الدول التي ذهبت إلى اليمن بهذا المشروع الإنساني غير الربحي، الذي استهدفت منه أثراً إيجابياً مباشراً على حياة الناس، فمنذ انطلاق المشروع نهاية يونيو 2018م تمكنت من تطهير 15.289.581 متراً مربعاً من الأراضي اليمنية.
تداعيات إرهاب الميليشيا الحوثية في الأراضي والمدارس والبيوت في اليمن أسوأ من تأثيرات الفقر، حيث ضاعفت المعاناة الإنسانية على الشعب اليمني الشقيق، فهذا البلد ذهب منه بما يتجاوز 10 آلاف ضحية لتلك الألغام، يمثل الأطفال والنساء الأغلبية الكبرى، إضافة إلى المسنين وأصحاب المهن والحرف مثل الصيادين والمزارعين.
علاوة على الـ21 شهيداً، من ضمنهم خمسة من الخبراء العاملين الأجانب، والبقية من أبناء اليمن في فرق «مسام» خلال إزالتهم للألغام.
عطاء هذا الوطن الكبير في إنسانيته «المملكة العربية السعودية» في اليمن اتجه إلى المسارات الأكثر تضرراً وخطراً على الحياة في اليمن، وبعيداً عن الدعاية الإعلامية، وضمن ثقافة الخير التي نشرها وطننا في أصقاع العالم كانت مبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - أيده الله -، التي تم إطلاقها عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية منذ بداية الإرهاب الميليشاوي الحوثي، وتستمر حتى الآن، عبر المساعدات، وتدشين المشروعات التنموية.
المتتبع لخريطة العمل الإنساني لوطننا في اليمن من خلال المشروع السعودي لنزع الألغام في اليمن «مسام» يلاحظ أنه لا يرتبط باتجاهات سياسية، ولا يتأثر كذلك بالمواقف والأحداث، لأنه يتوجه مباشرة إلى الناس، واحتياجاتهم الفعلية، وتمكين أبناء اليمن من الحياة، ودعم استقرارهم البدني، ليكونوا بعد ذلك فاعلين في مسيرة التنمية في بلدهم.
المرحلة الثالثة من المشروع السعودي «مسام « لمساعدة اليمن، والتي يتابعها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، تُتوج مرحلتين سابقتين، وفيهما أنفقت المملكة 100 مليون دولار، وتتواصل هذه السنة بمشروعات حيوية أخرى ضخمة في الطرق والجسور والتعليم والصحة والزراعة، فضلاً عن الجهود الإغاثية للفقراء والنازحين.
العطاء هو الجسر الذي يمدّه هذا الوطن الكبير إلى شعوب الأرض في كل أصقاعها، بغض النظر عن اللون والعرق والدين، وهو الجسر الذي قطعه الملك المؤسس عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي سيبقى قائماً ومؤثراً، فهو القدوة لأبنائه وأحفاده ولنا، ومثالاً ناصعاً للعطاء الإنساني، الذي تخطَّى حدود الوطن، وهو القائل: «إنني أفخر بكل من يخدم الإسلام ويخدم المسلمين، وأعتز بهم، بل أخدمهم، وأساعدهم، وأؤيدهم».
ولهذا غدا وطننا يتصدر العمل الإنساني على مستوى العالم، واستحق مسمى وطن الإنسانية بكل جدارة، ليحقق بذلك المركز الخامس عالمياً والأول عربياً في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، وذلك وفق منصة التتبع المالي التابعة للأمم المتحدة ( FTS)، إذ بلغت المساعدات المقدمة من وطننا 1.281 مليار دولار أمريكي وتمثل ما نسبته 5.5 % من إجمالي المساعدات الإنسانية المدفوعة دولياً.
وبهذه المناسبة تدور في أفق الذاكرة مقولة رائعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -رعاه الله- حين قال: «ما يميز هذه البلاد هو حرص قادتها على الخير والتشجيع عليه».