خالد بن حمد المالك
عندما تُقتَرن الأقوال بالأفعال، ويلتزم المسؤول الكبير بتنفيذ ما التزم به، عندما يَصدْق بما قاله لمواطنيه، ويوثق ذلك بالتنفيذ الفوري وبلغة الأرقام، فهذا المسؤول القائد هو الخيار المطلوب لإصلاح ما أفسدته سنوات من الممارسات الخاطئة، وهو القائد المناسب في المكان المناسب لخروج البلاد من النفق المظلم.
* *
ما أعنيه، وما أقصده، وما أريد أن أتحدث عنه حالة غير عادية مرت بها بلادنا، بفعل ممارسات معاول هدم على مدى عقود، وغُضَّ الطرف عنها، وتم التسامح مع من كان ذا دور فيها، ليأتي معول الإصلاح - وإن تأخر - مندفعاً بقوة، صارماً ولكن في عدل وإخلاص، ومعلناً عن حقبة جديدة ومستقبل باهر لوطن أصبح يتعافى سريعاً من الفساد والتراخي والإهمال والتخلف ومن كل ممارسة أو سلوك كانت ستدفعه إلى غياهب المجهول.
* *
هذا هو محمد بن سلمان الذي أعنيه، الشاب الذي آل على نفسه أن يعمل بجدية وبسرعة ليحقق آمال مواطنيه، والذي فسَّر بنفسه حماسه واندفاعه السريع في العمل على أنه لا يريد أن يموت قبل أن يحاصر كل معوقات تقدم وتطور بلاده، وصولاً إلى تحقيق ما أصبحنا نراه رأي العين من إصلاحات كبيرة، وتطور مذهل، وإنجازات غير مسبوقة على الأرض، ملبياً بذلك الاستجابة لنداء الوطن، وتطلعات المواطنين، والرغبة الصادقة في اجتثاث كل ما كان سبباً في تأخر وتراجع وتيرة العمل والإنجاز في البلاد.
* *
كانت البداية مواجهة الفساد بكل أشكاله بعدل وحزم، كونه - كما يقول الملك سلمان - آفة خطيرة تقوض المجتمع، وتحول دون نهضته وتنميته، وقد تم تشكيل لجنة عليا بأمر ملكي برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لحماية النزاهة، ومكافحة الفساد، والقضاء عليه، وهو ما تم تطبيقه على الصغير والكبير، على الأمراء والوزراء ورجال الأعمال والموظفين والعاملين في كل المستويات، وفي مختلف مواقع المسؤولية في القطاعين العام والخاص، حيث سارع الأمير محمد بن سلمان إلى القول: لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد سواء أميرًا أو وزيرًا, أياً كان، وأي أحد تتوفر عليه الأدلة الكافية سوف يُحاسب.
* *
قادني لهذا الاستطراد كلمة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التي تضمنت شكره للملك سلمان على ما تضمنه خطابه في مجلس الشورى من معلومات وأرقام، عن الإنجازات التي تحققت في فترة وجيزة وسريعة غير مسبوقة في تاريخ المملكة المعاصر، وفي كلمة الأمير محمد بن سلمان مضامين كثيرة، غاية في الأهمية، تضاف إلى تصريحات ومقابلات وكلمات سابقة لسموه كانت ثرية بالمعلومات والأرقام والإحصاءات والرؤية المستقبلية للبلاد، وكانت - كما هي كلمته هذه - بمنزلة خارطة طريق لاستكمال ما تم تحقيقه من رؤية المملكة 2030.
* *
يقول ولي العهد من جديد مخاطباً المواطنين، لقد انتشر الفساد خلال العقود الماضية كما ينتشر السرطان، وأصبح يستهلك 15 % من ميزانية الدولة، كانت تذهب لجيوب الفاسدين والمنتفعين على مدى الثلاثين سنة الماضية، ووصف سموه الفساد كآفة عدوة أولى للتنمية والازدهار، وسبب ضياع العديد من الفرص الكبيرة في المملكة، لكنه وعد المواطنين بأن هذا لن يتكرر بعد اليوم، دون حساب قوي ومؤلم لمن تسوَّل له نفسه كبيراً كان أو صغيراً، فهي أموال عامة للدولة تؤخذ بغير وجه حق.
* *
ولم ينس الأمير (الشجاع) أن يواجه التطرف بالتصدي القوي، بدلاً من التعايش مع هذه الظاهرة، مشيراً إلى إن القضاء عليها لم يكن من قبل خياراً مطروحاً، لكننا وخلال سنة واحدة فقط استطعنا القضاء على مشروع أيديولوجي صُنِعَ على مدى 40 عاماً بأفكار كانت دخيلة علينا، وجاءت من جهات خارجية تتستر بعباءة الدين. وبالنسبة للإرهاب فقد تم القضاء عليه هو الآخر بعد إعادة هيكلة وزارة الداخلية، وإصلاح القطاع الأمني، باستثناء محاولات إرهابية فردية محدودة، مؤكداً أن التعامل مع الإرهابيين أصبح استباقياً، وسيستمر الضرب بيد من حديد ضد كل من يحاول المساس بأمننا واستقرارنا، فهذا التزام ثابت لدى قيادة المملكة ولن تحيد عنه.