مها محمد الشريف
الموقع الاستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط، شكل أهمية كبرى للعالم، ولأسباب عديدة غذت الصراعات والعنف أجواء المنطقة، وكل ذلك وفق معايير مختلفة نابعة من إرهاب إيران الذي يتطلب ضرورة العودة إلى التطبيق العادل للقانون الدولي في هذه المنطقة من العالم، ومهما يكن خيار الاستقرار محدوداً بوجود ملالي طهران، لا بد أن تتغير السياسة المستمرة في الاضطراب التي تخفي عديداً من المفاجآت مستقبلاً، رغم المحصلة السلبية المرافقة لها. ومن جهة أخرى يعد الموقف بشكل أساسي يعتمد على نتائج العقوبات الأمريكية المفروضة الأخيرة التي تعمل على تحجيم ملالي طهران وأعوانهم حتى تنخفض قدرتهم على إدارة مشروعهم التخريبي.
وأيضاً إضعاف موقفهم ودورهم داخل إيران نفسها، وهي بلا شك رسالة تخبرنا بأن الصعوبات ستكون أكبر، لأن الأحداث الراهنة يمكن أن تفرض رؤية أخرى في ظل الظروف الحالية إذا تسلم جو بايدن زمام الأمور فلن يهتم كثيراً بتخفيف العقوبات وسيجدها فرصة تساعده لعقد اتفاق بشروط جديدة أكثر تعقيداً إن القيود الجديدة لن تكون مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، بل ستطول برنامج الصواريخ الباليستية، الذي تزود به طهران، منظمات إرهابية، وفي إطار انتهاكات حقوق الإنسان.
لذا، ستواصل إدارة الرئيس دونالد ترمب، حملة الضغط على النظام الإيراني حتى موعد حفل التنصيب المقبل، مشيراً إلى أنه سيكون من الصعب على الرئيس المنتخب، جو بايدن، إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015، وخاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018، وفرض عقوبات اقتصادية خانقة، التي ردت بالتخلي العلني عن القيود النووية الواردة في الاتفاق، على أن جميع العقوبات الأمريكية، بما في ذلك تلك المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان ودعم إيران للجماعات الإقليمية المتشددة، ستظل سارية حتى 20 يناير، وهذا يفسر لنا أن ترمب نجح في فرض هيمنته رغم ظروف الانتخابات وما صادفها من عوائق.
ولم تكن هذه الحالة استثناء على أي صراع طويل، فقد ظلت هناك إشكالية تتعلق بالوجود الإيراني في الدول العربية حتى وإن استمرت العقوبات القصوى التي قال عنها السيد ترمب في نوفمبر وديسمبر، فلم يعد الدور الحكومي مرتبطاً بفرد معين من قبل الدولة، بل هي سياسة راسخة ومتجذرة في العمق الأمريكي بكافة مؤسساته، والتي نشرت في وكالات الأنباء ووسائل الإعلام بحسب بيان الخزانة الأمريكية، فإن «صناعات النفط والبتروكيماويات الإيرانية من مصادر الدخل الرئيسة للنظام الإيراني تمول أنشطته الخبيثة في جميع أنحاء الشرق الأوسط»، وأشار البيان إلى أن «الكيانات المستهدفة تسهل صادرات إيران للبتروكيماويات والنفط في خرق للعقوبات الاقتصادية الأمريكية»، وكان ذلك رداً على هجمات بالصواريخ على العراق.
ومن الأهمية بمكان في هذا الموضوع هو إدانة 47 دولة انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، وذلك أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، من بينها دول الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى أستراليا وكندا ونيوزيلندا وإسرائيل والعديد من دول أمريكا اللاتينية، وكان ذلك وفق وكالة الأنباء الألمانية التي تفيد بأن «التقارير الموثوقة عن الاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة والاعترافات القسرية والتعذيب وسوء المعاملة فيما يتعلق بالاحتجاجات الأخيرة تبعث على القلق بشكل خاص».
ولا يسعنا مهما يكن من أمر، إلا أن يبقى النظام الإيراني معزولاً على الصعيد الدولي حتى تتوقف الانتهاكات التي يمارسها، فالأحداث الأخيرة في لبنان واليمن والعراق الأكثر فجاجة كما أظهرتها الاعتداءات، فإذا لم تطرأ تغييرات بعد العقوبات تصعب رؤية كيفية وضع حد لأعمال العنف التي امتدت جذورها المعقدة في هذه الدول، بهدف السيطرة على هذه المنطقة الاستراتيجية ومحاولة زعزعة استقرار بنى المنطقة الاجتماعية والسياسية، وتمارس بقوتها المفرطة في الداخل لكبح جماح الاحتجاجات الشعبية وممارسة الإرهاب في الخارج.