إعداد - خالد حامد:
ربما كان الفوز الذي حققه بايدن على ترامب ضئيلاً، لكنه كان حاسمًا، فغالبية الأمريكيين بأي مقياس سواء بالتصويت الشعبي أو الهيئة الانتخابية رفضوا أربع سنوات أخرى من حكم دونالد ترامب.
وعلى الرغم من ضغط الجماهير الشديد وقضايا المحاكم ومنظري المؤامرة، فإن العملية الديمقراطية لم تخذل الولايات المتحدة الأمريكية.
لن يكون من السهل على الرئيس المنتخب جو بايدن أن يدير دولة منقسمة بشكل مر، لكنه يتمتع بخبرة واسعة تقترب من نصف قرن من التنقل في واشنطن والعالم، ثماني سنوات منها كنائب للرئيس باراك أوباما.
يمثِّل السيد بايدن، 77 عامًا، جسرًا إلى نائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس، 56 عامًا، التي ستكون أول امرأة سوداء وأول شخص من جنوب آسيا يتولى ثاني أعلى منصب في البلاد، مما يضعها في المركز الأول للترشح في البيت الأبيض عام 2024.
جاء فوز الحزب الديموقراطي على خلفية إقبال قياسي بلغ 160 مليونًا، وفقًا لبيانات أولية، وهو نتيجة تداعيات، كما يقول المحللون، للاستقطاب الشديد والشعور بالإلحاح بشأن هذه الانتخابات، وذلك وسط جائحة كوفيد-19 القوية.
وقالت جماعة (بايدن هاريس 350 دوت أورج) : «نحن مدينون بهذا الفوز للناخبين السود، والملونين، والمهاجرين الجدد الذين تدفقوا على صناديق الاقتراع على الرغم من العوائق الكبيرة التي تحول دون النضال من أجل مستقبل أفضل لنا جميعًا».
بايدن، الذي من المقرر تنصيبه في 20 كانون الثاني (يناير) من العام المقبل، يعمل بالفعل على تشكيل فريق انتقالي، على الرغم من أن الرئيس ترامب لا يزال يصر على أنه تعرض للخداع، وقرر نقل معركته إلى المحاكم.
ومع ذلك، يتوقع المحللون أنه إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، في الأسابيع الأولى من ولايته، فمن المرجح أن يعيد بايدن اتفاقية تغير المناخ إلى مركز صنع السياسة في واشنطن، مع إعادة التزام الولايات المتحدة باتفاقية باريس بشأن الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
قال الدكتور أندرو ستير، الرئيس والمدير التنفيذي لمعهد الموارد العالمية، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «إنه يوم جديد للقضايا المهمة لصحة الأمريكيين ورفاهيتهم ولكوكبنا».
من المرجح أيضًا أن تعاود الولايات المتحدة التعامل مع منظمة الصحة العالمية ومن المرجح استئناف حوار أوسع نطاقًا مع الصين حتى مع استمرار المنافسة الإستراتيجية.
بشكل أساسي، بعد أربع سنوات من دبلوماسية مكبرات الصوت المرتكزة على الشخصية من قبل السيد ترامب، سيعيد بايدن قدرًا من الدبلوماسية التقليدية، بما في ذلك إصلاح العلاقات مع الحلفاء في أوروبا وآسيا التي هزها نهج المقاربات الخشنة لترامب.
من المؤكد أن التوتر الداخلي في الولايات المتحدة سيظل قضية من الصعب التعامل معها، كما أكد
أستاذ السياسة الدولية إنديرجيت بارمار في جامعة سيتي في لندن قائلاً: «ستبقى الترامبية قوة رئيسية في السياسة الأمريكية».
وفي هذا الصدد، قال الدكتور بارمار لصحيفة «صنداي تايمز»: «إن اليسار القوي بمساعدة حركة السود مهمة و الشباب المثقل بالديون والغاضب ضد تغير المناخ سوف يطالب بإصلاحات جذرية ؛ وسيكون العالم حذرًا من عدم القدرة على التنبؤ بالولايات المتحدة والعودة المحتملة لترامب في عام 2024». وأضاف قائلا إن «وباء كوفيد 19 وتداعياته الاقتصادية يتطلبان إجراءات حكومية ضخمة على الأقل مؤقتًا».
وأشار زميل معهد ميلكن في آسيا، السفير الأمريكي السابق لدى بنك التنمية الآسيوي، في حوار مع صحيفة (ستريت تايمز) إلى أن الإدارة الجديدة قد تسعى إلى مداواة أمة منقسمة.
وقال «في الداخل الأمريكي، يجب أن تعالج إدارة بايدن حالة التصادم التاريخي بين الأزمات الاقتصادية والصحية والاجتماعية. وفي الخارج، سيتطلع الكثيرون ليروا كيف ستبني الإدارة الجديدة على سياسات إدارة ترامب أو تغيرها أو ترفضها مثل التعريفات الجمركية المفروصة على الصين إلى قيود الهجرة على بعض الدول».
** **
نيرمال جوش - مدير مكتب صحيفة (ستريت تايمز) السنغافورية في أمريكا كما عمل مراسلاً للصحيفة في مانيلا ونيودلهي وبانكوك، حيث غطى السياسة والانتخابات والصراع والانقلابات والكوارث الطبيعية والقضايا الاجتماعية والبيئية في عشرات البلدان الآسيوية - عن (ستريت تايمز) السنغافورية