فيصل خالد الخديدي
مرت الفنون في المملكة العربية السعودية بعدة مراحل تباين فيها الاهتمام بالفنون التشكيلية على المستوى الرسمي والمستوى الفردي ولكن في الغالب الخطاب التنظيري والنقدي كان الأقل حظوة في جميع هذه المراحل، بل إن الاعتراف بوجود خطاب للنقد التشكيلي لا يزال غير واضح المعالم عند البعض والبعض الآخر لا يؤمن بوجود خطاب نقدي تشكيلي محلي، والنقد الفني أحد أركان العملية الفنية، وداعم ومنظم للممارسة التشكيلية، وهو حلقة وصل بين الفنان الممارس والمجتمع المتلقي، ونقطة نظام بين الفن والذوق العام في المجتمع، ومنسق للحوار بينهما، ويمثل النقد الفني صوت المجتمع والجمهور من جهة، وصوت الفن والفنانين من جهة أخرى، ويأتي كعملية تفاعلية بعد المنجز الفني، وبين المنجز والمتلقي، وتغذية راجعة للفنان منجِز العمل، والنقد في أبسط مستوياته هو قراءة العمل الفني، والحديث عنه، وهو ما يضيف للمشاهد فوق مشاهدته للعمل الفني، ويوضح الغامض عليه، وهو ما يضيف للفنان ما لم يدركه في عمله، وممارسة العملية النقدية في الفنون التشكيلية تتطلب وجود الموهبة الفطرية في ممارسها وللنقد عدة أشكال حددها فليدمان بأربعة أشكال نقدية وهي:
• النقد الاكاديمي: وظيفته توفير ذلك النوع من التحليل أو التأويل والتقويم الذي يجعل التجرد العلمي وعدم التحيز ممكناً.
• النقد التعليمي: ويهدف إلى تطوير نضج وإدراك الطلاب الفني والجمالي ولعل مناهج التربية الفنية الحديثة المعتمدة على المجالات المعرفية أولت النقد الفني اهتماماً كبيراً من ضمن المجالات الأربعة التي بنيت المناهج عليه وهي (الإنتاج الفني – النقد الفني – تاريخ الفن – وعلم الجمال).
• النقد الصحفي يعرف بأنه نوع من الأخبار يقصد منه إعلام القراء عن الفن وعوالمه وله أوجه عدة.
• النقد الشعبي: وهو الذي يقوم على حكم الجمهور سواء كانوا مؤهلين أو غير مؤهلين فنياً، ويعد رأي الجمهور مؤثراً إلى حد ما ولا بد من إعارته شيئاً من الاهتمام يقول مارك توين إن الجمهور هو الناقد الوحيد الذي يستحق رأيه شيء من الاعتبار.
لا بد لكل خطاب من منصة أو أكثر ليصل إلى المتابعين والمتلقين، وتنوع المنصات التي ينطلق منها الخطاب التشكيلي السعودي أمر صحي وتضمن الوصول لأكبر شريحة ممكنة من المختصين المهتمين والمتلقين للفنون التشكيلية ولعل أبرز هذه المنصات الصحف والمجلات، مواقع التواصل الاجتماعي، والإعلام المرئي والمسموع، والأبحاث والدراسات الأكاديمية، والمؤسسات الثقافية والفنية، المؤلفات النقدية والتشكيلية، والخطاب النقدي التشكيلي في الصحافة المحلية وهو ما يمتاز بأنه الأكثر انتشاراً وتوثيقاً واستمرارية في مسيرة الخطاب النقدي وواقع هذا الخطاب يسجل تنوعاً في المخرج بين (أخبار صحفية عن الفعاليات التشكيلية بين معارض ومشاركات، وبين لقاءات وحوارات مع تشكيليين أو مسؤولين عن الممارسة التشكيلية) وعادة ما يقوم بها صحفيون، أما كتاب الرأي التشكيلي في الصحف المحلية عادة هم من المتخصصين في التربية الفنية وبعض الفنانين الممارسين ويتناولون القضايا التشكيلية وفق محاور أبرزها (نقد الواقع التشكيلي – قراءة في تجربة أو أعمال فنان – مقالات تثقيفية)، وقد أشارت دراسة (طارق قزاز) التي أجراها على النقد المعاصر في الصحافة السعودية خلال عام واحد فيما كتب بالصحف (الجزيرة، عكاظ، المدينة، اليوم، والبلاد ) إلى أن أكثر الأساليب والمناهج النقدية المستخدمة في الخطاب النقدي المحلي في تلك الفترة هو النقد الانطباعي وكان الأكثر استخداماً في عينة البحث بما نسبته 40 في المائة وهو ما يشير إلى أن واقع الخطاب النقدي التشكيلي المحلي يعتمد على الانطباعات الشخصية والآراء الذاتية أكثر منه اعتماداً على الأسس النقدية والأساليب المنهجية في النقد الفني.