د. خيرية السقاف
هذه المرة الأولى التي يحاصرني واجب الوفاء لأقول شيئا وفيه عني، ذلك لأن ما سأقول عن تجربة في حقيقتها ليست تخصني وحدي، وإنما تخص أولا صاحب القرار فيها، ومن ثم كل من جئن من خلالها إلى صاحبة الجلالة «الصحافة» عبر جريدة الرياض التي كانت رائدة في انبثاق دور المرأة في القيادة الإدارية حين عينت في 20-4-1401 الموافق 24-2-1981 مديرة للتحرير، صدر بهذا القرار عدد يوم الأربعاء 21-4-1401 الموافق 25-2-1981 وحظيت بأن أكون هذه المرأة التي تولت أول منصب قيادي في جريدة رسمية «مديرة تحرير» «جريدة الرياض» جوار زميلين آخرين صدر القرار ذاته يحمل أسماءنا الثلاثة، وضُمن العدد ذاته قائمةُ مسؤولي الجريدة هذه الأسماء في شريط «إدارة التحرير»، فور صدور القرار التأريخي الفاتح جوار أعضاء المؤسسة، ورئيس التحرير..
بارك هذه المبادرة في اليوم ذاته القادة والمسؤولون، وجميع وسائل الإعلام داخل الوطن وخارجه، وكان من أجمل، وأكثر آثاره في النفس حفاوة وثقة، ودعما أن تلقيت ثلاث مكالمات هاتفية بالتهنئة، والتوجيه، في اليوم ذاته من أصحاب السمو الأمراء سلطان بن عبدالعزيز، ونايف بن عبدالعزيز - رحمهما الله -، وسلمان بن عبدالعزيز أمير الرياض حينها، الذي كان ولا يزال رجل الكلمة، والموقف، والتمكين حفظه الله ..
وكان هذا قرار شخصية مهنية قديرة، هي رجل الإعلام «تركي بن عبدالله السديري» -رحمه الله رحمة واسعة- رئيس تحرير جريدة الرياض، المهني المحنك، ذو الخبرة، والحصافة، بعيد النظر ، إذ اتخذه قرارا تنفيذيا مهنيا مفاجئا للمجتمع الإعلامي ..
تركي السديري هو من أسند لي إدارة تحرير صحيفة «الرياض»، بكل اعتزاز، فقد كنت واحدة من نسيج الصحيفة، سبق لي فيها دور التحرير، والإشراف، وأيضا إعداد مجموعة من الكاتبات الصحفيات، في صفحات المرأة، والطفل، والكتابة في شتى الأبواب، هؤلاء كن النواة الأولى للمهنة، مكتبيا، و ميدانيا تحت إشرافي خارج موقع الصحيفة الرسمي، ثم جاء هذا القرار ليثبت هذه التجربة ممارسة مهنية على أرض واقع الجريدة، حين تم افتتاح أول مكتب صحفي نسائي رسمي لجريدة الرياض، وتضمن معنا شخصية نسائية مهنية ممارسة ومختصة ساعدتنا في التدريب والتحرير هي الزميلة «سوسن مصطفى»، حيث شاركت في إنجاح التجربة..
ولقد توِّج افتتاحه على شرف صاحبة السمو الملكي الأميرة سارة الفيصل بن عبدالعزيز ..وبذلك تحقق عن مبادرة « تركي السديري» قوة، وأهمية أن تكون المرأة ذات صفة إدارية تتولى جانب ما يكون من نتاج صحفي، وكتابي، إعدادا، و تحريرا، وإجازة عن المرأة جنبا إلى جنب زميلها الإداري الرجل، ولم تكن تقف هذه التجربة أبدا حيث واصلنا بدمج دور المرأة الصحفية، مع دور زميلها الصحفي بإلغاء ترويسات المرأة في أبواب الجريدة، وتكليف الصحفيات بأدوار مماثلة سواء من يعملن في ميدان ومكتب الرياض في العاصمة أو من ينتمين للعمل في المكاتب خارج مدينة الرياض، والدول العربية والأجنبية..
إنها تجربة فذة ومفصلية في تاريخ العمل الصحفي النسائي.
لعلنا ونحن نحتفي بعاصمة المرأة «الرياض» المدينة، أن نزجي التحية لرئيس صحيفة الرياض رحمه الله» تركي السديري» بهذه المناسبة وندعو الله أن يرحمه فهو من بادر بالتجربة، حين أسس دعامة العمل الصحفي المهني للمرأة، باتخاذه الخطوة التأريخية التي امتدت فيما بعد، ثم تنامت..
وأن نزجيها تحية صادقة لكل من مكن المرأة على كل الصعد في الوطن عامة في كل المجالات، ليس في الصحافة، والإعلام المقروء، والمرئي، والرقمي فقط ، بل لنجد المرأة السعودية اليوم، ليست مديرة تحرير في صحيفة سيارة، أو رئيسة تحرير فقط وإنما قائدة مسؤولة ، وقيادية دؤوبة في كل المجالات الإبداعية، والمهنية، والتعليمية، والتقنية، والطبية، والفنية، والصحية «سلمان بن عبدالعزيز» الملك القائد، ولولي العهد رجل الحلم والشغف والفعل «محمد بن سلمان»... إذ هي اليوم قائدة مبدعة مبتكرة شغوفة، وهي اليوم سفيرة، وملحق تعليمي، ورئيسة وفود، ووكيلة وزارة، وعضو فاعل في المجالس التشريعية، وحقوق الإنسان، والأمن، ،..
وماذا بعد؟
ألا يحق لي أن أفخر بهذه المرأة العاصمة، العصية، العصمة، المحضن، والمبدأ، والمنتهى؟؟
وأشكر من جعلني فيها عضوا؟
بلى والله،،
حفظ الله هذا الوطن شامخا، وحفظ من يقوده بحكمة القرار، ومساواة الاسناد لأفراد هذا الوطن، وللمرأة فيه التي تشرق مع شروقه، وتمد في حبال أضوائه.