قال الناقد والشاعر الدكتور سعد الرفاعي، إن مرور مئة عام على مسيرة الصحافة السعودية، بكل مراحلها، وإسهاماتها الصحفية، يضعنا أمام العديد من الوقفات، التي استهلها الرفاعي في حديثه لـ«المجلة الثقافية»، قائلاً: انطلقت الصحافة السعودية، بانطلاقة صحيفة أم القرى عام 1343هـ وكانت بديلاً آنذاك لصحيفة القبلة، التي توالى بعدها صدور الصحف السعودية، ومنها صحيفة البلاد السعودية، وغيرها، لذلك فإننا عندما نستعرض مسيرة قرن من تاريخ الصحافة السعودية، فإننا سنجد أنها مرت بثلاث مراحل، الأولى: التي تمثّلها مرحلة صحافة الأفراد، التي تلتها المرحلة الثانية، وهي: مرحلة إدماج بعض الصحف، وصولاً إلى المرحلة الثالثة في هذه المسيرة التي تمثلها، مرحلة المؤسسات الصحفية.
* أما عن وقفة الإسهامات الوظائفية التي قدمتها الصحافة السعودية عامة، وفي الجانب الثقافية خاصة، فقال الرفاعي: لا يمكننا الإلمام ولو بإشارات في كل مجال من مجالات وظائف الصحافة السعودية، لكني لعلي اجتزئ الحديث في هذه الوقفة عن الحديث من خلال إشارات إلى ما قدمته الصحافة للثقافة عبر قرن من الصحافة، التي انطلقت بواكيرها بصحف الأفراد، التي أنشأها أدباء، ومثقفون، كان همه الأول، هو الأدب خاصة، والثقافة عامة، كما هو الحال في (مجلة قريش)، للسباعي، مجلة (الرائد) لأبي مدين، وصحيفة (الأضواء، وصحيفة (عرفات)، وغيرها من صحف الأفراد، التي عندما نعود إلى مؤسسيها، أو الكتاب فيها فإننا سنجدهم من الأدباء والمثقفين.
* وعن الامتداد الثقافي في ذاكرة صحافتنا السعودية، وتنوع مطبوعاته الأدبية والثقافية، قال الرفاعي: لما لأدباء من دور في الحركة الصحفية في المملكة، فقد تنوعت بعد ذلك المجلات الصحفية المتخصصة في الأدب، والثقافة ومنه على سبيل المثال مجلة (المنهل)، ومجلة (اليمامة)، وجملة من الأسماء الصحفية الأدبية، ومجلاتهم الأدبية.
* وفي سياق حديث الرفاعي عن العمق الأدبي في مسرة مئة عام من الصحافة السعودية، مضى الرفاعي قائلا: هناك ثلاثة منطلقات رئيسة، يمكن أن نلمحها في اهتمامات صحافة الأفراد تبعا لاهتماماتهم الأدبية والثقافية، على اعتبار أنها وظائف لأدوار نهضت بها، أولها: الدور الفني والجمالي، الذي أسهم في رعاية المواهب والأقلام المهتمة بهذا المجال ومجالاته الأدبية، وفنونه الإبداعية، الدور الاجتماعي، الذي سعى إلى ترسيخ القيم الاجتماعية والاهتمام بقضاياها الاجتماعية المختلفة، الدور العلمي الذي يتتبع الجديد في مجالات العلم والمعرفة.
* وبقيام (المؤسسات الصحفية)، كان ولا بد أن بكون للصحافة قصة أخرى، ومسارات تواكب تطور هذه المؤسسات، وتواكب مسيرة النهضة السعودية عامة، والحراك الأدبي والثقافي خاصة، التي قال عنها الرفاعي: إذا ما تحدثنا عن صحافة المؤسسات ودورها الأدبي والثقافي عبر مسيرته الصحفية الممتدة لعقود من العطاء الإعلامي في المملكة، فقد قدمت إسهامات رائعة من خلال صفحاتها اليومية، أو عبر ملاحقها الثقافية: ملحق مجلة الجزيرة، ملحق المربد، ملحق الأربعاء، وغيرها من الملاحق الثقافية الصحفية كملحق صحيفة الندوة، وصحيفة اليوم، وصحيفة عكاظ، والبلاد، والرياض ، وغيرها من الملاحق الثقافية التي شهدتها صحافة المؤسسات، التي أسهمت في خدمة الثقافة والأدب في المملكة إسهاما عاليا، في الحركة الثقافية، التي تتبعها الباحثون في العديد من أطروحاتهم في رسائل الماجستير والدكتوراه، التي درست تحديدا الصحافة الثقافية، وملاحقها الثقافية في المملكة.
* وللحديث عبر هذه المسيرة، وما آلت إليه صحافة المؤسسات من تحديات، وعلى وجه الخصوص، التحديات التي تواجه الصحافة الثقافية، قال الرفاعي: ربما يكون حديثنا هنا مرتبط بالصحافة الورقية الثقافية تحديدا، التي يعد أول تحديتها البعد الورقي الذي بدأ يتوارى، ويشيع من جانب آخر بعده الإلكتروني وهذا لطغيان استخدامات التقنية الحديثة، الأمر الآخر متعلق بما تشهده الحياة العصرية من تحولات ومتغيرات مستجدة، التي انتقلت معها الحالة الثقافية إلى ما يعرف بالاقتصاد الثقافي، التي لاحظنا على سبيل المثال ترأس وزير الثقافة لاجتماع ثقافي ضمن قمة العشرين التي ترأستها المملكة، بدخول الثقافة إلى متغيرات ووظائف أدوار بين الشعوب والحضارات، ما ينعكس بدوره على الصحافة الثقافية بوصفها منبرا، وبما تقدمه، أمام تحديات متنامية على مستوى المنابر الثقافية، وعلى ما تقدمه من تنوع ثقافي متدفق، عبر الوسائط التي باتت مؤثرة في الثقافة وفي صناعتها، لذلك فمحصلة القول يمكن إيجازه في أن العمل الثقافي الإعلامي اليوم، لا بد وأن يكون مواكبا لرؤية المملكة 2030م.