أستطيع القول إن الصحافة السعودية بشكل عام وُلدت يافعة قوية رغم بساطة الإمكانيات، وكان الأمل الذي زرعه طموح الملك المؤسس - رحمه الله - قد ألقى بظلاله على الأقلام والعقول الواعية والمثقفة آنذاك. فمنذ صدور صحيفة أم القرى التي تعتبر أول صحيفة سعودية حتى اليوم والقلم السعودي ينير الظلمة، ويفتح للقراء آفاق المعرفة والأدب؛ ليكون حلقة وصل بين العقل السعودي وكل شرائح المثقفين من السعودية وخارجها.
إن اهتمام الصحافة السعودية بالمجال الأدبي شعرًا، ونثرًا، ونقدًا كان من أولويات المواد المنشورة؛ فصدرت مجلات منذ ثلاثينيات القرن العشرين كمجلة المنهل الشهرية التي كانت شرفة من شرفات الأدب العربي السعودي، تحمل للوطن والعالم العربي رسالة تنويرية ثقافية عظيمة من خلال أطروحاتها؛ وانهالت المجلات والصحف والملاحق الصحفية الأسبوعية المخصصة للفضاء الأدبي خلال المسيرة الميمونة للصحافة السعودية بغزارة، تنهل من كل فنون الأدب العالمي، وتشارك بما لديها من براعم يانعة شغوفة باللغة الأدبية السامية.
كان الباب مفتوحًا برحابة لتلقي مشاركات القراء المغمورين، ونشرها في تلك الأعداد. لقد كانت علاقة القارئ بالصحف والمجلات الأدبية علاقة حية، خلقت جيلاً يقدر الأدب، ويجد فيه وبه أجنحة تحلق به في كل سماء قبل أن يكون العالم محدودًا ومتقاربًا. وما زالت الحركة الثقافية والأدبية السعودية حتى اليوم، ورغم اختلاف معادلات النشر، وولادة إعلام جديد، تبشر بالمزيد من السطوع، وتمسك بفانوس المعرفة الذي أطفأته الثورة المرئية الرقمية والاستهلاكية في كثير من دول العالم العربي.
** **
- هيفاء العمري