دأب الباحثون في تاريخ الأدب والثقافة على إدراج الصحافة في عوامل نهضة الأدب والثقافة في أي قطر من أقطار العالم، ويذكرونها مقرونة بالتعليم، والمؤسسات الثقافية، والصوالين الأدبية، والجوائز؛ وذلك دال على أن الصحافة الأدبية عامل مهم من عوامل النهوض الأدبي.
في بلادنا أسهمت الصحافة في طورها التاريخي الأول (طور صحافة الأفراد) في التعريف بالأدباء، ومنحهم فرص النشر والوصول إلى المتلقين. وعلى الرغم من أن بعض الباحثين يرون أن هذا الإسهام قد تراجع مع نظام المؤسسات الصحفية إلا أن عد الصحافة ضمن أهم مصادر الأدب في السعودية يناقض ذلك؛ لأن صحافة المؤسسات لم تتخلَّ عن الأدب إبداعًا ونقدًا، سواء كان ذلك قبل ظهور الإنترنت وما ارتبط بظهوره من وسائل التواصل، أو بعده؛ إذ صمدت بعض هذه المؤسسات، وواصلت إصدار الملاحق الأدبية الأسبوعية، والصفحات الأدبية اليومية، منطلقة في ذلك من شعورها بالمسؤولية تجاه الأدب والثقافة، وإيمان القائمين عليها بأن التنوير مهمة موازية للأخبار.
حياة كثير من الأدباء السعوديين مربوطة بملاحق مثل: ملحق الأربعاء بصحيفة المدينة، وملحق الجزيرة الثقافي، وصفحات صحيفة الرياض الثقافية، وثقافة صحيفة البلاد، والصفحات الثقافية في صحيفة الندوة التي باتت مصدرًا مهمًّا للباحثين في تاريخ الصراع بين: الحداثة، والأصالة في بلادنا بسبب تبنيها الهجوم على المجددين في الثمانينيات الميلادية.
وصل الأمر بالأدباء إلى حدود ترتيب حياتهم ترتيبًا تابعًا لمواعيد صدور هذه الملاحق، فضلاً عن المجلات الأدبية الرائدة التي تزخر بها مكتباتهم، مثل: مجلة المنهل، ومجلة الفيصل، والمجلة العربية، والمجلات الدورية التي تصدر عن الأندية الأدبية.
الإشارات السابقة دالة على وجود دور وأثر، وإذا كان هناك من انحسار الآن فهو ناجم عن انحسار دور الصحافة كلها للأسباب المعلومة، وليس نتيجة تراخٍ أو زوال الشعور بمسؤولية الصحافة تجاه الثقافة، وتجاه الأدب خاصة.
** **
- د. أحمد بن عبدالله التيهاني