انطلقت الصحافة في كل مكان على أيدي المثقفين والأدباء والبارعين في فنون الكتابة. ولم يكن العالم العربي عمومًا، وبلادنا المملكة العربية السعودية خصوصًا، بدعًا في هذا الأمر؛ فقد كان رواد الصحافة في المملكة العربية السعودية من طليعة مثقفي المملكة وأدبائها.
ولنأخذ مثلاً على ذلك بصحيفة (الحرم) السعودية التي أسسها في القاهرة الأستاذ فؤاد شاكر عام 1349هـ. وكذلك مجلة (اليمامة) التي أسسها الأستاذ حمد الجاسر في الرياض عام 1372هـ، ثم صحيفة (أخبار الظهران) التي أسسها الأستاذ عبدالكريم الجهيمان في الدمام عام 1374هـ، ومثلها صحيفة (الإشعاع) التي أسسها في الخبر الأستاذ سعد البواردي عام 1375هـ.
ومجلة (هجر) التي أسسها في الأحساء الأستاذان عبدالله بن خميس وعبدالله شباط عام 1376هـ. وفي العام نفسه أسس الأستاذ حسن عبدالحي قزاز صحيفة (عرفات) في جدة، وكان من محرري الصحيفة الأساتذة أحمد صلاح جمجوم وأحمد زكي يماني وعبدالعزيز الرفاعي ومحمد عبدالقادر علاقي ومحمد سعيد العوضي وشكيب الأموي.
وفي عام 1379هـ أسس الأستاذ أحمد عبدالغفور عطار صحيفة (عكاظ) في الطائف، وقد انتقلت بعد ذلك إلى جدة. وأسس الأستاذ طاهر زمخشري مجلة (الروضة) للأطفال، وأسس الأستاذ أحمد السباعي صحيفة (قريش)، وكلتاهما في مكة المكرمة عام 1379هـ. كما أسس الأستاذ عبدالفتاح أبو مدين صحيفة (الرائد) في جدة عام 1379هـ.
وقد توقفت بعض هذه الصحف بعد صدور نظام صحافة المؤسسات عام 1383هـ، أو اندمجت في غيرها، وواصلت الصدور.
إن ذلك يدل على أن الصحافة اكتسبت مسحتها الثقافية من مؤسسيها الذين كانوا من رواد الأدب والثقافة في المملكة. وهذا مما يفسر اهتمام الصحف السعودية بالشعر وفنون السرد، واحتفاءها باللغة الأدبية حتى في صياغة الأخبار والتحليل الرياضي والإعلانات.
وقد ازدهرت الملاحق الأدبية في الصحف السعودية ببراعة المشرفين عليها، وسعة أفقهم، وحبهم للعمل الثقافي. كما أنها نجحت في استقطاب كبار الأدباء والنقاد من المملكة ومن غيرها، وكانت رافدًا حقيقيًّا لشداة الأدب عبر ملاحق الثقافة والأدب في صحف المملكة. وأفرزت هذه الملاحق مناهج أدبية جديدة في مواكبة الانفتاح الأدبي والثقافي للبلاد.
وبالتأمل في هذه الملاحق أستطيع إيراد أكثرها تأثيرًا في الساحة الثقافية المحلية والعربية على النحو الآتي، بحسب معايشتي لها عن كثب:
1- ملحق الجزيرة الثقافي (والجزيرة الثقافية) في صحيفة الجزيرة.
2- ملحق الرياض الثقافي في صحيفة الرياض.
3- ملحق الندوة الثقافي في صحيفة الندوة.
4- ملحق (الأربعاء) الثقافي في صحيفة المدينة المنورة.
5- ملحق عكاظ الثقافي في صحيفة عكاظ.
6- ملحق (أصوات) الثقافي، ثم الملحق الثقافي في مجلة اليمامة.
7- ملحق (المربد) الثقافي في صحيفة اليوم.
وقد كانت كلها - ولا يزال بعضها - حقلاً خصبًا لرعاية المواهب الأدبية، وتخرج فيها جيل من الشعراء والقاصين والروائيين والنقاد والكُتاب. كما أن محتواها أصبح مادة خصبة للدراسات والبحوث الأكاديمية في الجامعات والأندية الأدبية. بل إن هذه الملاحق الأدبية والثقافية أصبحت سجلاً أمينًا لمسيرة تطور فنون الثقافة والأدب في المملكة العربية السعودية. وما كان لها أن تنجز ما أنجزت لولا الهامش الجيد الذي كفلته لها السياسة الإعلامية في البلاد. وبالله التوفيق.
** **
- أحمد البهكلي