زكية إبراهيم الحجي
تقلبات الحياة وصروفها يُضاف إلى ذلك الضغوط اليومية الناتجة عن الإيقاع السريع للحياة العصرية ربما تجعل الإنسان يشعر كما لو أنه يعيش كابوساً متكرراً فكل أمر من أموره يسير وفق وتيرة واحدة وبنمط واحد.. من تربية للأبناء ومتابعة تحصيلهم العلمي إلى الالتزام بمواعيد العمل الوظيفي وتحمل المسئوليات المختلفة.. وغيرها من الضغوط الحياتية التي يمكن أن تصيب الشخص بالقلق والتعب والإنهاك التام فيشعر وكأنه عالق في طاحونة تسمى الحياة أو مقيد داخل صندوق فيصبح غير قادر على إدراك أيٍ من الفرص التي قد تتهيأ له في لحظة غير متوقعة فيسارع إلى استغلالها.
المقدمة السابقة تُعيد بذاكرتي إلى فلك حياة الجيل السابق وكيف عاش وتربى ضمن محددات وأنماط تفكير تقليدية نتج عنها في كثير من الأحيان لجمٌ للطموح وبالتالي إعاقة تحرير العقل من صندوق خضع بوعي أو غير وعي لعادات وتقاليد وموروثات وأنساق من سلسلة أفكار أيدلوجية سادت في ثقافة الجيل السابق ومنعته من محاولة الخروج من هذا الصندوق الذي حُشِر فيه وبقي أسيراً بداخله غير قادر على نزع عباءة الجمود والضغط الاجتماعي والخوف من التغيير.. ونزع الأسمال البالية لمرتكزات ثقافة سادت في ذلك الوقت ولم تكن تؤمن بتحرير الطاقات الكامنة في نفوس الجيل السابق كي يكون أكثر انطلاقاً في مجالات الابتكار والإبداع وإلى إبراز المواهب المدفونة والمهارات التي كانوا يتمتعون بها، فعلى الرغم من أن الجيل السابق لم ينعم بما ينعم به جيل اليوم من وسائل التقنية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومؤسسات التدريب والتطبيق مثل ما ينعم به جيل اليوم ومع ذلك كان ذلك الجيل يملك قدرة فائقة على تطوير نفسه ويبتكر ويبدع لو أُتيحت له فرصة كسر الصندوق وتخطي حدوده والتفكير خارجه.
يدور مفهوم الخروج من الصندوق حول التعرف على الفرص العديدة التي تنتظر الشباب في الحياة.. هو بمثابة إلقاء نظرة تأمل مختلفة على الأشياء والتفكير في استنباط أفكار جديدة وخلاقة بدلاً من الأفكار التقليدية أو المتوقعة، فجوهر هذا المفهوم هو الخروج من المنطقة المحدودة التي ندور في فلكها إلى منطقة الرؤية الكاملة، والمدهش حقيقة أن الرؤية الكاملة تجسدت في هذا العهد الميمون من خلال رؤية 2030 ، فجيل هذا العهد جيل طموح فاعل أثبت قدرة على الانخراط في ميدان الإبداع في شتى المجالات بعد أن عملت رؤية 2030 بشكل حاسم وفعال على إزاحة كل العوائق التي تقف أمامه فتحرر عقله وانطلق تفكيره في عدة اتجاهات خارج حدود المكان الضيق وبعيداً عن الظروف التي كانت تحيط بالمجتمع سابقاً.. واليوم أيقن شبابنا السعودي تماماً بأن الحياة إنجازات لا مستحيلات وأن رأس المال البشري هو حجر الزاوية للاقتصاد القائم على المعرفة فهنيئاً لهذا الجيل بهذه القفزة النوعية.