د.شامان حامد
عصفت وزجت بل وعزلت وكشفت للعالم جزءاً بسيطاً من عالم الغد المنتظر، أمام خوارزميات الذكاء الصناعي التي تُميّز أشياء غير مشاهدة من قبل عن الأوصاف المكتوبة، وتمنحه القدرة على «التخيُّل»، وتأثيرها على رغباتنا وقراراتنا، حتى أصبحنا نحيا في عالم وهمي وافتراضي.
فالتخيُّل من أبرز خصائص الذكاء البشري التي تمكّننا ليس فقط من إنشاء منتجات إبداعية مثل الفن والموسيقى، بل وتساعدنا على فهم واستيعاب العالم المرئي والمقروء أيضاً، سواء أكان قرار شراء كتاب أو صداقات جديدة أو لمن تصوت أو عندما تحدد أقساطك من قبل شركة تأمين أو توضع على قوائم المنع من السفر، هناك شكل من أشكال الخوارزمية ضالعة بشكل أو بآخر في صناعة القرار. ولكن البشر يستطيعون فعل شيء لا يستطيع الذكاء الصناعي أن يفعله؛ إذ يمكنهم -بديهياً- استنتاج التصنيف المحتمل لشيء لم يصادفوه من قبل، بتخيُّل كيف سيبدو هذا الشيء من وصف مكتوب عنه أو عن طريق الاستدلال من شيء مشابه، يُمكن أن يكون للتصنيف أو التعرف الخاطئ على الأشياء الجديدة عواقب كارثية، تحدثت عنها «لين كولمن» المحامية الدولية لحقوق الإنسان وزميلة جامعة هارفارد في كتابها المعنون «الخوارزمية البشرية: كيف يعيد الذكاء الصناعي تحديد من نحن». وما ستواجهه الإنسانية مُستقبلاً خوفاً من حضارة قادمة لا يتم فيها نقاش «حقوقنا البشرية والمدنية الحالية والمستقبلية، ونوجه الشجاعة الأخلاقية لإنشاء آلات ذكية تعكس إنسانيتنا بكل تنوعها».
خصوصاً لو تابعنا أحلام وأهداف وطموحات أحد أهم العقول المؤثرة في عالم التقنية والأعمال، وهو إلون ماسك مؤسس شركة «تسلا» و»سبيس إكس»، وقدرة الجسم البشري على احتضان وتقبل أجسام آلية «غريبة» عنه، وهو ما يقودنا إلى التصور الهائل الذي وضعه متخصص علوم المستقبليات المعروف راس كورزويل في كتابه «التفرد اقترب: عندما يتجاوز البشر علوم الأحياء»، في نقلة نوعية عظيمة وغير مسبوقة في تاريخ الإنسان، وهو ما سرعت إيقاع حصوله جائحة «كوفيد19»، وتغييرها شكل الحياة.
إنها حضارة جديدة يجري تشكيلها أمام أعيننا، تتحكم في مقدرات الأمم والدول في عصرنا الحالي، لتُبادر لها السعودية بقيادتها مجموعة العشرين عبر الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، بتنظيم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي تحت شعار «الذكاء الاصطناعي لخير البشرية»، أكتوبر المقبل، برعاية الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، بهدف بناء حوارات ذات أهمية عالمية، سواء من حيث التعافي من الجائحة أو التوجهات التي تشكّل مجال الذكاء الاصطناعي، فقد صار الخيال أصبح واقعاً، ليُحول الذكاء الاصطناعي أفكار البشر وتخيلاتهم لصور.