عطية محمد عطية عقيلان
افتقد الكثير تجربة السفر خلال الأشهر الماضية بسبب فايروس كورونا المستجد، ومر فصل الصيف دون ركوب طائرة ورحلات دولية كانت مكتظة بملايين المسافرين حول العالم وتكبدت شركات الطيران خسائر فادحة حول العالم تقدر بمليارات الدولارات حسب اتحاد النقل الجوي الدولي (أياتا)، إضافة إلى حنين الناس إلى السفر بالطائرة تجلى في تجربة لإحدى شركات الطيران الأسترالية التي أعلنت عن رحلة سفر من مطار سيدني في 10 أكتوبر دون الحاجة إلى جواز سفر أو حجر صحي ولمدة سبع ساعات حول أستراليا دون توقف أو وجهة محددة، فقد نفدت تذاكر السفر خلال عشر دقائق فقط وصلت دهشة مسؤولي المبيعات في شركة الطيران من الإقبال وسرعة الحجز، لتدلل (مجازا) على أن الناس أيضا يفتقدون السفر بالطائرات رغم مرور الركاب المسافرين بتجارب سابقة سلبية بين طوابير الازدحامات وتأخر في المواعيد أو فقدان حقائب أو طقس سيئ أثناء الرحلة أو أضعف الإيمان صعوبة الحصول على حجز بسعر وتوقيت مناسب أثناء العطلات والإجازات والأعياد. فبرغم ما يمثله السفر من عناء وتعب خاصة المسافات الطويلة وتغير في التوقيت والطقس بين الشرق والغرب، إلا أنها تجربة ممتعة ويفتقدها عشاقها متناسين مساوئها وتجاربهم السلبية، لتعطيني درسا مهما من فوائد هذه الجائحة التي أوقفت حركة الطيران التجاري الدولي حول العالم، بأن كثيرا من النعم والخدمات التي نحصل عليها ونستمتع بها أصبحت شيئا طبيعيا لا نشعر بقيمته وأهميته ونعمته في حياتنا وننظر دوما إلى الجانب السيئ فيها فقط، أصبحنا نتمنى عودتها وننتظر ذلك بفارغ الصبر ونرجع إلى متعة السفر وركوب الطائرات مهما كانت درجة السفر المهم أن ترجع الحياة إلى طبيعتها السابقة التي كنا نتذمر ونشتكي من بعضها.
حتما ستكون المتعة في إجراءات المطار وركوب الطائرة والتحليق في السماء وانتظار الحقائب والمرور بمكاتب الجوازات والجمارك والسوق الحرة واستئجار سيارة وكأننا نستحضر جمال ذكرياتها ومتعة الوقت الذي نقضيه فيها رغم إضافة الفحوصات الطبية قبل السفر وفي المطارات، فهي درس لنا جميعا بالبحث واكتشاف وشكر النعم التي تحيط بنا وكنا نعتبرها أشياء عادية طبيعية لأننا ألفناها وتعودنا عليها بل أحيانا نشكو منها وتزعجنا كوعثاء السفر وازدحامات الشوارع والمناسبات الاجتماعية واجتماع الأقارب والزملاء والأصدقاء فأصبحنا نتمنى عودتها بشكل سريع وكسابق عهدها لأننا نفتقدها ونحن لها، واكتشفنا أن كثيرا مما كان يضايقنا هو مصدر الحياة والسعادة والعيش لنا كالصديق الذي تعرف قيمته بعد فقده أو العمل بعد تقاعدك، لنتعرف ونشكر النعم التي تحيط بنا من كل صوب ولا نبحث عن الكمال النظري الخيالي في حياة وظروف وعيش مثالية وكما يقال لننظر دوما إلى النصف المليان بالكأس حتى ولو كان ليس به إلا الربع يكفي أن تستشعر بالنعم ونسعد بها ونستمتع أقصى الدرجات بها مع السعي والمثابرة والإصرار على الأفضل والأمتع لحياتنا مع عدم تناسي الاستمتاع في اللحظات التي نعيشها وأن لا نؤجل الفرح واستثمار هذه النعم في وقتها، وكما يقول الكاتب الإنجليزي وليم شكسبير «الإصرار على التفاؤل قد يصنع ما كان مستحيلا».