قبل ثلاث سنوات، وتحديداً في عام 2017م، تمّ تأسيس هيئة تطوير بوابة الدرعيّة، تجسيداً للإرادة القوية والعزيمة الجازمة لصاحب السموّ الملكي الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وزير الدفاع، رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية - رعاه الله - في الدخول إلى قلب التاريخ والثقافة والفنون، ضمن رؤية ثاقبة تتأسس على فكرة شخصية وجماعية صارمة هي (طموحنا عنان السماء)، وفي ضوءِ هذه الفكرة، وتفعيلاً لها في عالم الواقع سيتم بحول الله تعالى إنجاز ما يشبه المستحيل من مرحلة إعادة الإحياء ومرحلة التطوير ومرحلة التخطيط للمستقبل، التي ستصبح فيه تلك المراحل نماذج حضارية، وسنرى فيه بإذن الله تعبيراً عن الرغبة والقوة الفاعلة حين تخطط لتحقيق المهام الصعبة، والأهداف العالية بعيدة المدى.
إنّ المهمة الأساسية لهذه الهيئة الرائدة هي تطوير الدرعية وإبرازها كمركز للأنشطة المجتمعية والثقافية، إلى جانب تعزيز مكانتها كوجهة سياحية دولية رائدة لتكون من أهم أماكن التجمعات السياحية في العالم من خلال تقديم الفن والموسيقى والأزياء والترفيه للضيوف من جميع الأعمار.
وتمّ تحديد الإطار الزمني لهذه المهمة الكبيرة، حيث يتم العمل حالياً في تنفيذ المرحلة الأولى من المشروع، الذي يمثل حقبة جديدة وفريدة في المشاريع الإنشائية والتصاميم المعمارية والتراثية، والضيافة العالمية، تنفيذ أعمال تطوير منطقة البجيري الشهيرة، وفق أبرز وأحدث المعايير الحضرية والبيئية في تأهيل المواقع التاريخية والتراثية في العالم، وإقامة نمط حياة استثنائي للسياح والضيوف والزوار من داخل وخارج المملكة العربية السعودية، ويستهدف جذب 25 مليون زائر وسائح سنوياً من داخل وخارج المملكة، في ظل ما يتم التخطيط له من مشاريع ترفيهية وفعاليات متنوعة، ومتاحف، ومنشآت فنية وثقافية، واستقطاب الأحداث الفنية والثقافية من مختلف أنحاء العالم.
لقد حظي هذا المشروع الوطني الكبير وفي نفس هذا الشهر من العام الفائت وفي اليوم الثاني والعشرين منه الموافق للتاسع عشر من شهر نوفمبر عام 2019م، بتدشين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بحضور سمو ولي العهد، حيث اتحدت السواعد والزنود، والتقت إرادتهم على أن يكون للدرعية ذكراها الشامخة، فكان لها الميلاد المبارك السعيد، الذي جعل من هذا الوطن بلداً عظيماً، بما توفّر له من سياسة راشدة، تحكم بالمحبة والحكمة، وتُدير شؤونه بما يرتقي بالوطن والإنسان إلى المكانة العالية، فكان من الوفاء لهذا المكان التاريخي المجيد في تاريخ الوطن، أن تكون هذه المنارة الجليلة (الدرعية) لها حقَّ العز والفخر في قلب كل مواطن شريف.
نحن في انتظار انتهاء المرحلة الأولى من المشروع بمشيئة الله تعالى، رغم الظروف الصعبة التي بالتأكيد واجهت العمل في هذه المرحلة، وسيكون لعزيمة مهندسي هذا المشروع كلمتها وهم يعملون في تنفيذ هذا الحلم والأمل، رغم الإجراءات الصحية والوقائية العالمية، وفق الجدول الزمني المعتمد، لإنجاز أهم مشروع ثقافي تاريخي حضاري ترويجي في مملكتنا، ضمن تطلعات رؤية المملكة 2030 .
وبالصوت الفخور بهذا المشروع التاريخي المتقدم، قال الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير بوابة الدرعية، جيري انزيريلو: «هناك درعية واحدة فقط لا مثيل لها، وهذا مشروعنا الأهم، ضمن تطلعات رؤية المملكة 2030 ، ونحن سعداء ببدء هذه المرحلة، وتحويل الرؤية إلى واقع ملموس، لتصبح الدرعية مركزاً عالمياً للثقافة ونمط الحياة الراقي، وموقعاً للفعاليات والمتعة والترفيه، لتكون نموذجاً معبراً عن قيمة وعظمة الثقافة السعودية، واقتصادها القوي ضمن اقتصادات العالم؛ فالاختلاف الأهم والأبرز لهذا المشروع عن غيره من المشاريع والذي يعطيه قيمة كبيرة على المستوى الاقتصادي والتاريخي والسياحي، أنه يجمع بين الموقع الفريد الذي يمثل جوهرة المملكة، وعراقة 300 عام من تاريخ المملكة، وعملية تطوير وتأهيل عالمية تجري على قدم وساق لهذه المنطقة التاريخية، والتي تشتمل أيضاً على إنشاء مؤسسات تعليمية متقدمة وأكاديميات ومعاهد ثقافية وجامعات ومتاحف؛ في ظل النهضة الكبيرة التي تعيشها المملكة بفضل الله، ثم الحكومة الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، - حفظهما الله -.
إن هذه البصيرة الثاقبة، والرؤية المضيئة والطاقة المتسلحة بالتاريخ والثقافة والأمل هي الرهان الحقيقي في إحراز فكرة التطور وتحقيق النتائج الهائلة، والركون إلى الصف الأول بين الأمم المتقدمة، فقد مضى زمن طويل على هذا الوطن وهو يقف موقف المتفرج على تاريخه الثقافي التاريخي الحضاري العريق الباهر، التي أنجزها رجاله المخلصون منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى في مختلف أنحائه، وقد آن الأوان لهذا الوطن، صاحب الرؤية المتحضرة، التي أضاءت جنبات الأرض بأنوار الرؤية السعودية 2030 أن يعود إلى المشهد الثقافي الحضاري التاريخي، ويسهم في القطاعات غير النفطية في الاقتصاد الوطني.
فغياب الوطن الطويل لم ولن يعد مقبولاً، خصوصاً مع توافر كل عناصر القوة فيه، من الموارد الطبيعية الهائلة، والمواقع التاريخية والتراثية العريقة، والإمكانات الثقافية المتنوعة، والطوابع المعمارية المميزة، التي تمنح بالعودة المحمودة لهذا الوطن الكبير «المملكة العربية السعودية» إلى واجهة العمل الثقافي التاريخي الحضاري، وفي مقدمة ذلك استعادة الثقة بنفسه، والدخول في قلب المعترك التخطيطي الهادف، والانخراط القوي اللائق بهذا الوطن في مسار تقدير الثقافة والحضارة والتاريخ، يسانده على فعل هذا الحضور عزيمة قيادية حازمة، ورؤية ثقافية حضارية تاريخية عميقة، تفتخر بمواطن القوة والحضور العالمي، وتنفق بالسخاء والمسؤولية على كل ما من شأنه جلب الحضور العالمي للوطن، وهو ما يبرز أجمل صوره المبهرة في البرامج الثقافية الحضارية التاريخية التي يرعاها ويدعمها سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بقلبه وعقله وعزمه الصلب الذي لا يعرف المستحيل.