حماد الثقفي
شهدت السنوات الأخيرة حراكًا كبيرًا في مجلس الشورى انطلاقًا من دوره التشريعي والرقابي، الداعم لأهداف ومبادرات رؤية المملكة 2030، بدعم ومساندة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين بنهج الشورى، وحرصهما -حفظهما الله- على تناغم أداء مؤسسات الدولة كافة، ومشاركتها الفاعلة في مسيرة البناء السعودية، بتجربة برلمانية عميقة ومتطورة، تمثل أحد روافد التنمية الشاملة التي تشهدها بلادنا الغالية عبر فضاء شوري رصين ومسلح بالعلم والخبرة، وبأدوات الدراسة والبحث.
لذلك فإن خطاب الملك في أعمال السنة الأولى من الدورة الثامنة لمجلس الشورى (عبر الاتصال المرئي) يُعد في المشهد الوطني منهاجًا مستقبليًّا في وطن «حالم»، بتوازنات القيادة السياسة للمملكة داخليًّا وخارجيًّا، ومواقفها تجاه أهم القضايا الإقليمية والدولية التي أثبتت قوة ومتانة السعودية في إدارة دفة العالم بمجموعة العشرين في ظل الظروف الطارئة لوباء كورونا، وما للإنسانية جمعاء من مكانة في القلب السعودي، تخفيفًا عليهم بضخ ما يزيد على 11 تريليون دولار، وهو ما يفوق ما ضخ لتخفيف أضرار أزمة 2008 المالية بأربع مرات، بل أسهمت في مجابهة التحديات المستقبلية المشابهة؛ حتى صنفتها Fitch بأقل الدول بين «العشرين» في انكماش الاقتصاد، بل افتخرت «اليونيسيف» بما تقدمه مجموعة العشرين بقيادة المملكة لدعم شباب العالم والتعليم.
ويعد الخطاب الملكي منهاج عمل أيضًا للأجهزة الحكومية في الدولة، ورؤيتها في الحاضر والمستقبل؛ إذ تترقبه كثير من الدوائر السياسية والاقتصادية لما لها من تأثير وأهمية عالمية، ولما يحظى به المجلس من القيادة التي مكنته من النهوض بدوره ومسؤولياته التي اختصرت مراحل عديدة في مسيرة الوطن، خاصة التمكين التقني، ومشاركة المرأة في توسيع نطاق مشاركتها في الحياة العامة، وتحقيق طموحاتها ومشاركتها في مسيرة البناء والنماء.
وتحت قبة المجلس نشهد نقاشات جادة، تعكس رؤية القيادة والوطن، واجدة آثارها في تجمُّع أعضائه من أجل تغليب المصلحة الوطنية في واقع جديد للممارسة الشورية بالمملكة من خلال لجانه المتخصصة في عمل تكاملي ينبض من مكمن صناعة القرارات المصيرية؛ لتكون عونًا للدولة، وتصب في مصلحة الوطن والمواطن، وتحقق تطلعات ولي الأمر، وفق شريعة الكتاب والسنة النبوية.
بلى، يتشرف المجلس بأن يواصل مسيرته التاريخية التي أُسس من أجلها منذ عهد الملك المؤسس، وسار على نهجها الملوك الكرام -رحمة الله عليهم- ليجد مسارها تحولاً جذريًّا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -رعاهما الله -، برؤية جعلت من «مجلس الشورى» مساهمًا في خط متوازن مع مؤسسات الدولة الأخرى في دعم البناء والتنمية والتطوير، حتى أصبحت المملكة في مقدمة المراتب العالمية. وهو اعتزاز كبير لأعضائه كافة الذين يتشرفون بافتتاح خادم الحرمين الشريفين أعمال دورتهم، ناهلين من كلماته وتوجيهاته ورؤيته بالقضايا الداخلية الخارجية كافة دروسًا وعبرًا، تمثل للوطن ولأعضاء الشورى نبراسًا ومرجعًا ومنهجًا وخطة لعمل الحكومة، بل لكل رجال الدولة في جميع أجهزتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، إضافة إلى تحقيق الأمن العالمي، وتعزيز أواصر الصداقة والتعاون مع جميع الدول وفقًا للمواثيق الدولية المتبعة.