نتشكل في مدارسنا ابتداء من صامولي الجبنة الواقف باباء بجانب كتبنا المجلدة ومعلم الحصة الأولى ووجه المدير وسخط الوالدة على تأخرنا -في حالتي- فلا يمكن لاثني عشر عامًا بمعدل ثماني ساعات على الأقل - وإن لم تكن مهتماً في الرياضيات- أن تمر مرور الكرام.
بالطبع يستحيل أن تبني مثقفًا بالمدرسة فقط.. ولكن من هناك.. تبدأ الأسئلة والفضول والرغبة في المعرفة.. ومن هناك أيضًا تحدد الأسئلة ويموت الفضول وتصبح الرغبة والمعرفة شيئا لا قيمة له -إذ إن مكانك البيت أو وظيفة حكومية - وهذا ليس كل شيء، بإمكان المدرسة أن تعطيك النور الأول لهوايتك التي قد تتحول يومًا ما لوظيفة تقضي عمرك فيها.. عن اللجوء لوظائف لا تحبها ولا تجدك بينها.
فتخيل - أو ليس علينا أن نتخيل- أن تعاني المنظمة التعليمية المتمثلة في الطالب والمعلم والإدارة والأهل والنظام من خلل يمنعنا من تقديم أفراد ينهضون بالمملكة أو على الأقل بأنفسهم.
مكنتني دراستي في إحدى الدول العربية لأربع سنوات من الصف السادس إلى نهاية المتوسطة - بعد عودتي - من ملاحظة ما يجعل تعليمنا متأخرًا رغم إمكانات مملكتنا العظيمة، فالطالب لا يدرك ماهية العلم ولا يعرف ما الذي يعنيه أن تكون جلدًا عليه، والمعلم لم يعد رسولاً كما قال شوقي، والإدارة أحبت السلطة العليا فكانت مكاتبها واجهة شكلية.. والأهل اما أهملوا أو اهتموا.. أما النظام فلم يجعل المدارس مدارس مع الأساليب التعليمية والتوجهات الفكرية لطاقم التعليم. تخيل -نعم بامكانك التخيل الآن- لو أنك دربت منذ صغرك على الجلد- إن لم تكن من جيل والديّ- وكان كل معلم في مسيرتك الدراسية رسولا وبنت الإدارة بينك وبينها ثقة ودعمك والداك بحب، وربما أدرجت الفنون كالموسيقى وحصص الرياضة مثلها مثل الرياضيات والزمت المدارس بمكتبات متنوعة المحتوى وليست صحوية فقط، واستضافت بعض الملهمين على مسرحها -هذا إن كان عندها واحداً- واهتمت باللغة الإنجليزية من الصغر واللغة العربية -هي أيضا تحتاج لاهتمام والا تفضل باعراب الجملة السابقة- وإقامة أنشطة حقيقية تراعي حاجات الطلبة وليس حاجات مكتب التوجيه، واقتلاع الأفكار الصحوية التي لا زالت تحرم قيادة المرأة، هل تعتقد بعد هذا التخيل الا يبقى من الاثني عشر عامًا إلا ذكرى تشتمها بين حين وآخر؟.
الحديث يطول يطول.. والمنظمة التعليمية غزل.. لا بد من نكثه وإعادة حياكته بقوة.
وبالمناسبة هل تتذكر نظرية فيثاغورس؟ أم أنك حفظت مسألتها من الورقة التي أعطيت لك لتنجح في الرياضيات حفظًا؟.