بعض الخيبات تعيد ذاتك وثقتك بنفسك أكثر، وبعضها لا تفعل ذلك. بعض الأحيان يكون الحلم فرصة، ولا نجد تلك الفرصة. ورزقك مكتوب وإن قلّ، وحياتك تحدد معرفتك وخبرتك، ومهاراتك تحدد تفكيرك وإمكانياتك، وتحدد ضوابط تطويرها. لم أفهم بعد بعض الأشخاص الذين يفكرون أن الرزق يقف، أو لا يجد المعنى الحقيقي لهذا الرزق في حياته، وكيف تُدبّر أموره. الرزق لا ينتظرك حتى يأتي لك، بل الرزق يريد منك السعي والبحث لكي تجده، ولو بالدعاء. وعطاء الآخرين بالإحسان من شيء قليل منك يزيد ويزيد في حفظ لله لك ولحياتك. وليس كل رزق يعني مفهوم المال؛ فالله قد يعطيك أعظم من ذلك؛ لأن رزق المال قد تجده بالعمل وإن لم تعمل لن تجده. المال يعتبر رزقًا ماديًّا، يقضي أمرًا ما في حياتك، لكن قد لا ترزق البركة في هذا المال؛ وينفد بسرعة في أقل من أيام عدة. وطلب البركة أشد بكثير من طلب المال نفسه. لا فائدة من مال ينفد دون أن يبقى شيء منه، ولا يُثمر، ولا يُدار بشكل صحيح.. فالرزق معناه أعم وأشمل بكل تفاصيل حياتك؛ فقد تُرزق بشخص مختلف عن شخص آخر، أو قد تُرزق بسيارة فاخرة تعيد أملاً غاب بسبب ضائقة، أو قد ترزق بيوم جميل يبعث بداخلك شعور الحياة والراحة. تفاصيل الرزق ومعانيه كثيرة جدًّا، منها ما نراه أمامنا، وبعضها يغيب عنا. وقد لا نتأمل ذلك، وقد يكون حدود النظر لدينا بشكل عام غائبًا بداخلنا. فلله الحمد على كل عطاء شعرنا به واستشعرناه أو لم نستشعره بعد.. فنعم الله بنا لا تُعد ولا تُحصى. قال تعالى: {قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ. وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} سورة سبأ - آية 39.
تأكد أن رزقك موجود لا ينتهي أبدًا، وما دمت موجودًا بهذه الحياة، وإن تأخر.. ولكن فكِّر بشكل جيد، وتعلم كيف تدير حياتك بشكلٍ صحيح وأفضل؛ فكل شيء جيد تعملِّه للناس يعاد لك بصورة تراها أو تستشعرها في التغيرات الجميلة التي تحدث في حياتك. وتأكد أن كل عمل تقوم به لغيرك سوف يعود لك بخيره أو شره.. فأنت من تقرر صنع حياة جيدة لنفسك. كُن قنوعًا ومُتعلمًا ومُفكرًا ومُتفائلاً.. وتأكد أن كل شدة تحدث لك يأتي من بعدها أيام جميلة، وأحداث أفضل.. وتذكَّر نِعم الله عليك، ولا تيأس؛ فالرزق قادم إليك لا محالة.
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي
وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
وَلا حُزنٌ يَدومُ وَلا سُرورٌ
وَلا بُؤسٌ عَلَيكَ وَلا رَخاءُ
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ
فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ
(للإمام الشافعي).