لم أزر (باريس) سوى مرة، كانت بضعة أيام شاتئة.. فذكرى برودة الطقس تلكم لم تودع في خلدي ما يغري.. أو يشجع لإعادة الكرّة، وزاد من تلك -البرودة- هي النمطية التي فيها استعلائية من بعض الفرنسيين (ولا أعمم) بالتعامل مع عالمنا العربي والإسلامي على وجه أشمل..
فما إعادة «الرسوم» بل وتبنّي ذلك من أعلى مقام بالدولة، مع بعض تبجّح بادٍ.. إلا جلاء عن تلك النمطية!
أقصد أنني لم أقل أول بهذا استنتاجاً صِرفاً، ولا عن تعدٍّ، بل عن شيء داخلي كلّه عجب..
فـ(الحقد) مثلاً إن كانت دوافعه مضمورة.
كيف لها أن تبرز، أعني أن يأتي من يبعثها من مرقدها مُجدداً لها، وكل ما حولها يذوي سواه!، بل إنه ليتبدّل كل شيء إلا هو!!
ولأن عُلل لحوادث تبقى (سبباً) تبعاتٍ قائمةً.. فما العلّة بمن هو من يتلقى الضربات ويتحمّل، وفوق ذلك يسامح ويبدي تبسماً.. والرغبة لصفحة جديدة تعلو محيّاه
سوى موقف الآخر..
كذا حالنا هي مع هذه الفرنسة..
بيوم قاله فيها الجواهري:
مشت لك باريس أم الحقوقِ
وحشاً يدب على أربعِ
تمزق أظفاره أمةً
بحق الحياة لها تدعي
فرنسا! وما أقبح المدعى
كِذاباً، وما أخبث المدعي
.. فما في أعطاف القوم ما يغري لفتح صفحة جديدةً، بخاصة أن المجروح هو الذي يُقدم ماداً يده للجارح -ياللمفارقة-
مع أنه بدهيّ أن من الأولى بالشكوى! المجروح أم الجارح؟
ودكتور مصطفى محمود يُرسل عزاءً من بعيدٍ زمني (.. ويأتي على أهل الحق لحظةٌ يظنون فيها أنهم مجانين.. من فرط الوقاحة والثقة التي يتحدث بها أهل الباطل)..
وإلا فلا جدال يقع على الأول فعلام يمدد المجروح يده ويفتح صفة فلا يتوانى الآخر من ردم الهوّة..
فهي على الأشهاد تحتضن تلك (الرسوم)، وكأنها عنوةً تقوم بتجديد عهد ما انضمر
وقارب (قوسي) أن يشفى ما لا ينسى(?)
جرح ما أودعته بأمّة الإسلام، لكن لدى القوم -هناك- تعود بلا دافع ظاهري، ولا سبب يستجلب على الأقل ما يوازي ذاك الحماس، بل الاندفاع، مع تبنّي شاهر ظاهر لها.
.. أُكرر أنه يحدث هذا بلا داع يستحق!
هذا.. إن عُلل أن (للمظلوم أخذ حقه بلا إسراف ولا تعدٍّ)، ما لا تجد له تفسيراً
عدا وجه من الحماقة..
فأجيبي يا فرنسا، فنحن بالفعل لا ندري عن السبب.
.. وكهذا ما يجعلك تتميز غيظاً أن تجد الصورة لدى فئةً وربما مجتمعات يبعثون من رماد دُنياهم وانسيابية محياهم ما يوغل القلوب عليهم..
فهل هو بحث عن (أي) راية لشنّ معركة..
أم إحياء ما تورى، أو إعادة نقض جراح انزاح (على بطء) ركام تبعات مؤلمةً، وعميقٌ آثارها، فاليوم إعلامك هو من يتمم مهمة سلفك!
إذ كل من اختزن شيئاً من تاريخ احتلال «الجزائر» علقه -أي (في مضموره)- من ذاك الثقيل ذكراه.
فهل يريدون إلحاق ذاكرة الأخير بالأول؟!
أم يرومون من أجيال تعاهد أحياء تلكم الذكريات الأليمة؟
فهل بعد هذه المواقف تنشد (فرنسا) لصنيعها قبولاً، فضلاً عن انصياعاً!
وقد جاء في استفهامات العقلاء:
كيفَ ينفعُ ما تُعْطِي «العَلُوقُ» به
رئمان أنفٍ إذا ماضُنَّ باللبن(?)
وقبل ذلك وبعده
ماذا تستفيد فرنسا من معركة لا تقدم لها بل تؤجج أكثر من ربع سكان البسيطة عليها؟
أما كفاها أن بلع لها ما فعلته بالجزائر؟
يقف العقل ليسأل ما النتاج المرجو.. سوى فتح للشر سبيلاً وللنقمة عليها..
قد يظن أن ضعف أمتنا (فرصة) لاستعراض ما لدى الخصم -ولا أحبذ لفظة العدو(?)- أو هي في سبات عميق.. ليقل لسان أولئك:
صفري ما شاء لك أن تصفري..
فلن تجد من يسأل فضلاً عمن يغضب!!
وما أدراهم أن في القوم رماح..
وكم من مهيض جناح ألفى الموت أمامه فانبعثت به قوة كامنة جعلت من الأبواب تتصافق..
يقال -أو مشهور- إن باريس عاصمة النور.
.. ألا فلا تخبرنا حاملة (هذا المشعل) عن أي نور تجده من هذه التصرفات التي في ميزان الدول وجها صارخا من الحماقة!
كم يعجب الحصيف أن يرى شخصاً منسابة حياته ليرمي على راكدها حجر!!
وماذا يستفيد.. سوى عبث لا ثمن له ولا نتاج محصّل في مسلكه.
فعلام يبدّل حياته تلكم إلى..
عفوا قد يكون إن أسلمت مريم، طيب بالبدء هي لما ذهبت إلى هناك أجيبوا يا من تدعون التقدم وتتكلمون باسم التحضر وتنعتون من سواكم بما لا ترضونه لأنفسكم؟
ولو تساءلنا عن موضوع مريم (ثبتها الله) لوطأنا بالإلحاح لماذا إلى هناك ذهبت، ما الغرض من..؟!
هم -أصارحكم- ما زالوا ينظرون لدولنا أنها ثالث نامٍ، أو نائم.. المهم!
ووفق هذا يتعاملون معنا، ولا ينزلون عن كعب هذا، أبلغهم أننا لم نعد ذاك الحمل -الوديع- الذي بيوم استقصروا حائطنا فتسوّروا محراب كرامتنا حين أخذوها..
خيرات ديارنا، ومن ثمّ بـ(سايس+بيكو) قسّموها فكان من نصيبهم كفنا من ذلك..
ما جعلهم لا يخرجون من نصيبهم إلا.. كما قرّب.. الشاعر:
محمد مبروك عليك
الجزائر رجعت ليك
وكأنه أخذهم من الحنق ما بدا منهم -وإن لم يظهروه-.. ما يظهر بين فينة وأخرى من حراب فلا يدري المعجب بشيء كيف يوفّق بهذا العجيب وهو يؤذي، وكأن كل ما (بلع) له و.. يأتي ليعيد الكرّة، لكأنه يرسّخ بذهن هذا المتسامح بجعبته من دفين وترسبات تمضي الدنيا وتأتي على ما ذهب أحقاب إلا أنه يعيدك لسيرة الأولى.. وبالفعل لا تجد تفسيراً:
قد ينبت العشب في صخري الثرى
وتبقى حزازاة النفوس كما هيا
رغم أن المبتدأ منه وخبر التبعات تنتهي إليه فكم من النوازل بدأها ولم تقف إلا بتغاضٍ وتجرّع الطرف الآخر.. أملاً بصفحة جديدة تُفتح ورواية أخرى.. خلاف ما تولّى تروى، لكن أبداً..!
والحقيقة..
إن الأولى لك ألا تندب على خصمك تصرفاته معك، بل عليك مراجعة نهجك، وبالذات تقصيرك في حق دينك فتنظر إليه بعين الفاحص، لأنه وحده منفذه إليك).
فما أوتي الدين إلا من قبل أهله أي من وجه تقصيرهم، مهما كان ذاك التقصير..
فحين انقطع شسع عمر -رضي الله عنه- «استرجع بـ{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
وقال «كل بلوى (أو هم) -مهما قلّ(?)..- هو مصيبة تصيب المؤمن»
مقطع/
أكد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، تشديد الإجراءات ضد ما وصفه بـ»التطرف الإسلامي»، وذلك بعد قطع رأس مدرس في إحدى ضواحي باريس الجمعة..
فيما دكتور محمد البرادعي، إلى النأي عن تبرير «العنف باسم الإسلام»، وذلك على خلفية قطع رأس مدرس فرنسي بإحدى ضواحي باريس.
ولهذا من أكثر ما يغيض حين توصم تصرفات فردية باسم الإسلام (فقط لأن مسلماً متطرفاً قام بها)، مما يعني -لو قبلنا هذا التعليل- أن المسلمين معصومون..
وبالتالي يوصل هذا -النتاج- أنهم ينفذون تعاليم الدين بحذافيرها وهذا غير صحيح، وإلا فلا يخفى على أدنى عاقل أن/ في كل ملة.. من ذهب للتطرف منحى ومنهم بعض المسلمين، كما وفيها من ميّع تعاليم ما ينتمي إليه، وكلا الطرفين مرفوض!
بل إن المتطرف منبوذ أكثر، لأنه يشوّه نحلته أكثر من أعدائها(?)، ولهذا يُقال:
إذا رأيت عدوك يهدم بيته فلا تشغله (لأنه يقوم بالمهمة عنك)..