خالد بن حمد المالك
نجح جو بايدن بكسب التصويت الشعبي وأصوات المجمعات الانتخابية؛ ليكون الرئيس الـ46 الذي يدخل البيت الأبيض رئيسًا منتخبًا للولايات المتحدة الأمريكية.
**
ومع كل ما صاحب نتائجها من لغط وتشكيك واتهامات من الطرف الخاسر إلا أن لغة الأرقام لا تعطي فرصة - على ما يبدو - لقبول أي احتجاج على ما آلت إليه من نتائج.
* *
ما يهمنا - وقد أُعلِن فوز المرشح الديمقراطي برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية للسنوات الأربع القادمة - أن نصارح الرئيس الأمريكي الجديد بما في خواطرنا من تطلعات وآمال وتمنيات؛ لتستمر العلاقات التاريخية بين المملكة وأمريكا في صعود دائم وتطور مستمر، وبأكثر مما هي عليه الآن.
* *
ولعل أبرز ما نتطلع إليه لتجسير العلاقات الثنائية بين بلدَيْنا خلال فترة رئاسة جو بايدن للولايات المتحدة الأمريكية ما يأتي:
أولاً: عدم التوقف عند النجاحات الكبيرة في علاقات بلدَيْنا التي تم تحقيقها على مدى عقود طويلة، رغم تعاقب الرؤساء، وقد آن الأوان الآن لجعلها أقوى مما هي عليه لصالح بلدَيْنا وشعبينا.
ثانيًا: صحيح أن علاقات الرياض وواشنطن علاقات تاريخية وإستراتيجية ومتوازنة، وأنها كانت دائمًا علاقات متميزة مع الحزبَين الديمقراطي والجمهوري، ومع كل الرؤساء السابقين منذ بدء العلاقات السعودية - الأمريكية إلى اليوم، إلا أننا ننتظر أن تأخذ هذه العلاقات آفاقًا جديدة في عهد الرئيس بايدن تبعًا للمستجدات والتطورات المتسارعة في منطقتنا وفي العالم.
ثالثًا: وعندما نتحدث عن علاقات سعودية - أمريكية، تميزت دائماً بسمات من الفهم المشترك، والتعاون غير المحدود، بما عمق وخدم التعاون المشترك في المجال الاقتصادي والاستثماري والعسكري والأمني، فنحن بذلك نتطلع مستقبلاً إلى إضافات جديدة، تُضاف لهذه العلاقات الطيبة.
رابعًا: ولأن هناك تفاهمًا مشتركًا، وتناغمًا في وجهات النظر، وتقاربًا في المواقف، فإننا نتطلع أيضاً - ضمن التمنيات - لأن نواصل معًا الاستمرار في التعاون المشترك، خاصة في القضايا الدولية، والمصالح المشتركة ذات البُعد الاستراتيجي.
خامسًا: وإذا كانت المملكة قد اعتادت على المضي في علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية بالسياسة نفسها، وبالمستوى ذاته من التعاون أيًّا كان الرئيس المنتخب أو الحزب الفائز، فإننا نتوقع من الرئيس بايدن أن يضيف إلى هذه العلاقة ما يفوّت الفرصة على المتربصين بهذه العلاقة من الأعداء لأمريكا والمملكة.
سادسًا: ولأن الرئيس الديمقراطي على معرفة واسعة بتاريخ العلاقات بين بلدَيْنا، وما أسهمت به من استقرار ونمو على مستوى المنطقة، ومن ازدهار اقتصادي واستقرار أمني على مستوى العالم؛ فهذا يعني أننا ننتظر أن تكون العلاقات بين الرياض وواشنطن في عهد الرئيس بايدن ضمن أولويات اهتمامه في تقويتها لصالح بلدَيْنا.
سابعًا: لقد مرَّ 75 عامًا على العلاقة بين أمريكا والمملكة، وخلال هذه الفترة الزمنية الطويلة شهدت دول العالم تقلبات في العلاقات، وحروبًا بينها، ومرَّت أوقات صعبة على الجميع، وتحديات كثيرة لم يسلم منها أحد، ومع ذلك فإن العلاقة السعودية - الأمريكية تمكنت من الصمود أمام ما واجهه العالم منذ ذلك الحين وإلى اليوم؛ ما يعني أن أمام الرياض وواشنطن فرصة في عهد الملك سلمان والرئيس بايدن للاستفادة من تجارب الماضي لتعزيز الشراكة لصالح كلا البلدين والمنطقة، وصولاً إلى تطوير التعاون الأمني والاقتصادي، وكذلك المحافظة على العلاقات المؤسساتية المتينة.
ثامنًا: وإذا كان من بين ما رسخ وحافظ على قوة الشراكة المستمرة منذ قرابة ثمانية عقود بين بلدَيْنا اعتمادهما على الحوار والدبلوماسية، فإننا نتطلع إلى أن يكون هذا هو نهج وهاجس الرئيس بايدن، ونحن على يقين بأن هذا هو المتوقع منه.
تاسعًا: لقد جمعت العلاقات السعودية - الأمريكية قواسم مشتركة، أهمها التعاون الأمني والاستخباراتي، خاصة ضد الجماعات الإرهابية والمتطرفة، بما في ذلك تنظيم القاعدة وداعش وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي ووكلاؤه وشركاؤه. وما ننتظره من الرئيس الأمريكي الجديد أن يستمر هذا التعاون بين واشنطون والرياض في قتال هؤلاء إنقاذًا لأرواح أبرياء من الأمريكيين والسعوديين ودول العالم.
* *
نريد - ضمن ما نريده - من الرئيس جو بايدن الشيء الكثير؛ فهناك انسجام تاريخي في المواقف والأهداف بين الرياض وواشنطن، وهناك إنجازات كبيرة تحققت على مدى عقود لصالح شعبَيْنا، بفضل هذه العلاقة التاريخية الإستراتيجية. وما دام الأمر هكذا فعلينا التمسك بكل ما كان سببًا فيما تحقق من إنجازات، والتطلع إلى أن تكون سنوات الرئيس بايدن القادمة في البيت الأبيض بقراراتها ومواقفها إضافة جديدة لما هو آتٍ من شراكات جديدة لصالح بلدَيْنا وشعبَيْنا.