نشأ وترعرع في بلدة صغيرة من بلدان نجد وقضى جزءاً من طفولته في ربوعها، ثم عندما ضاقت سبل العيش في نجد قررت أسرته الرحيل لدولة الكويت بحثاً عن العمل، مثلهم مثل كثير من الأسر النجدية التي عندما حلَّ القحط وتضاءلت فرص المعيشة في بلدانهم قرروا الهجرة إلى البلدان المجاورة بحثاً عن مصادر الرزق وحياة أفضل قبل أن تستتب الأمور ويتم اكتشاف الذهب الأسود في المملكة، فمنهم من هاجر إلى العراق وإلى الشام ومصر والبحرين والكويت، ومنهم من شط به المزار فذهبوا إلى الهند وغيرها من البلدان بحثاً عن الرزق، وكثير منهم استطاب المعيشة في بلاد المهجر حيث تحسنت أوضاعهم المادية واستقروا وألفوا الحياة في هذه البلدان الجديدة حيث وجدوا أبواب الرزق مفتوحة لهم، وانتظم أبناؤهم في سلك التعليم فاستطابت لهم الحياة واستقروا في هذه البلدان وازدادت أعدادهم حتى قيض الله لهذه البلاد صقر الجزيرة العربية ورجاله فعمل بكل جد وإخلاص لإرساء الأمن والاستقرار في هذه البلاد المقدسة الكريمة وتفجر النفط في أرجائها وبدأت تتبدل ظروف المعيشة فيها من حسن إلى أحسن وبدأت عودة من ذهبوا طلباً للرزق في البلدان الآنفة الذكر بالعودة التدريجية، ثم انعكست الآية في ربوع هذه المملكة القارة وأستتب العيش فيها وطاب وانفتحت أبواب الرزق وتوطد الأمن وتداعى الناس على هذه البلاد من جميع أقطار الدنيا طلباً لحياة أفضل وبحثاً عن الأمن والاستقرار. وها نحن اليوم نفاخر ببلدنا بلدان العالم ونبزها برغد العيش ونعمة الأمن والاستقرار وتعدد مصادر وأبواب الرزق فتداعت الناس ولا زالت تتداعى على بلادنا طلباً لحياة أفضل من كل حدب وصوب كما تتداعى الأكلة على القصعة كما أخبر بذلك الصادق المصدوق قبل ما يزيد على ألف وأربعمائة عام، وكان من ضمن العوائل النجدية التي هاجرت للكويت طلباً للمعيشة عائلة السميط فخرجوا من بلدة حرمة ميممين للكويت بحثاً عن حياة أفضل وانتظم أبناؤهم في سلك التعليم، وتخرج الدكتور عبد الرحمن من إحدى كليات الطب في إحدى الجامعات البريطانية وعاد إلى الكويت ومارس مهنة الطب فترة يسيرة وتزوج من أسرة كريمة ثرية ولكنه آثر مساعدة الفقراء في بعض البلدان الإفريقية ودعوتهم بالتي هي أحسن إلى سماحة الدين الإسلامي وبساطته وطاب له العيش في مجاهل إفريقيا لما راءه من انتشار الأوبئة والأمراض والفقر والجهل، فأخذ على عاتقه ركوب الصعاب والدعوة إلى الله ومساعدة هؤلاءالبائسين للتغلب على ظروف معيشتهم القاسية، وكانت معه أم أبنائه تؤازره تاركين رغد العيش في الكويت وتاركين أبناءهم وأسرهم في بداية السير في هذا الطريق الشاق والمجهول مضحين بكل غالٍ ونفيس لمد يد العون لهؤلاء المحتاجين إلى الطبابة والتعليم، فأقاموا المراكز العلاجية البسيطة ودور التعليم البسيطة أيضاً وتنقلوا في هذه البلدان من قرية إلى قرية يعتنون بهؤلاء الفقراء المساكين طبياً وتعليمياً منفقين كل ما يملكون وما يسهم به معهم أهل الخير، وقضوا شبابهم مخاطرين بحياتهم تاركين ملذات الحياة وأبناءهم وأسرهم وراء ظهورهم ابتغاء في ما عند الله حتى ضجر منهم القساوسة ودعاة النصرانية لأن الإخوة الأفارقة صاروا يدخلون في دين الله أفواجاً وتركوا خزعبلات النصارى، وفي أحد الأيام عندما كان الدكتور عبد الرحمن السميط في الكويت ذهب إلى أمير الكويت الراحل للسلام عليه فقال له الأمير «متى سوف تعود إلى إفريقيا لمواصلة الدعوة؟» فقال له «إن شاء الله بعد يومين من الآن»، فقال الأمير سوف نتكفل بعودتك. وبعد يومين اتصل به الديوان الأميري وقال سوف نمر عليك في الوقت المحدد استعدادًا للسفر، وعندما اصطحبوه للطائرة وجد مفاجئة من العيار الثقيل جداً حيث وجد أمير الكويت على متن الطائرة ذاهباً إلى هذا البلد الإفريقي كإنسان عادي حتى لا أحد يعرفه، ونزلوا في هذا البلد واطلع الأمير على الأوضاع المأساوية والمعيشة الضنكة وعاد بعدها إلى الكويت ليقدم للدكتور السميط معونة كبيرة تساعده في مد يد العون لهؤلاء البائسين. وعندما لم يعد يستطيع ممارسة نشاطه الدعوي والإنساني كان عدد من أسلموا على يديه أكثر من اثني عشر مليون إفريقي، كثير منهم كانوا فقراء وأيتامًا وأصبحوا رؤساء ووزراء لبلدانهم، وقد آثر عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله (لأن يهدي الله بك رجلاً خير لك من حمر النعم)، فما بالك بمن اهتدى على يديه الملايين وهؤلاء كم سيهتدي على أيديهم من بني جلدتهم. فهنيئاً للدكتور السميط وحرمه رحمهما الله وجعل الجنة مأواهما. وأملي كبير في أن يقتفي أبناؤهما أثرهما في تخليد أعمال والديهما الجليلين وأن لا يتركوا ذلك الجهاد وما بناه والداهما يضيع هباءً منثورًا، كما أوجه الدعوة إلى أهل مدينة حرمة أن يعقدوا العزم ويخلدوا سيرة هذا المجاهد البطل بتسمية أحد الشوارع والساحات باسمه وكل بلد مدعو أن يسير على هذا المنوال في تخليد ذكرى من نشر الخير وترك بصمةمضيئة في حياته.. رحمهم الله رحمة واسعة وأسكنهم فسيح جناته وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خيراً. وحق لحرمه وغيرها أن تفتخر وتفاخر بمثل هؤلاء الرجال.