رجاء العتيبي
الإعلام يتبع الحدث، أياً كان هذا الحدث، هذه قاعدة معروفة، والمسرح إذا لم يكن حدثاً، لن يتبعه الإعلام، لن يتبعه أحد، لن تتبعه الجماهير، هذا يقودنا إلى سؤال أين الإشكالية في هذا؟ الإشكال في - نظري - ليس في الإعلام، ولكن الإشكال لدى المسرح في السعودية، لدى الحراك المسرحي ذاته، إشكاليته: أحداثه محدودة، وعادية، وغير مثيرة، ومكررة، وليس بها جديد، ولا تسير حسب الاتجاهات المعاصرة، أحداث لا يتلهف عليها الإعلام ولا يجري وراءها، ولا يراها بذات أهمية (من وجهة نظر تحريرية) قد تكون مهمة لدى المسرحيين، ولكنها (تحريرياً) لا تخدم الوسيلة الإعلامية.
الإعلام لديه معايير عالية في تقييم الأحداث، ولديه حساسية عالية في الأحداث التي يهتم بها الناس، والأحداث - أياً كانت - التي لا تتسق مع هذه المعايير لا يجري خلفها الإعلام، في وقت قد يجري خلف أحداث أخرى لا تقارن بالمسرح من حيث الأهمية، ولكنها من وجهة النظر التحريرية مهمة، ورئيس التحرير يلعب في هذا الموقف دوراً رئيساً.
المسألة في تغطية هذا الحدث أو ذاك، وليس في كونه مسرحي أو غير مسرحي، المسألة تتركز في قاعدة واحدة: حدث مثير يخدم موقف الوسيلة الإعلامية أمام جمهورها، على سبيل المثال: يموت جراح قلب مهم، لا يغطي موته الإعلام، ولا يحتفي به سوى خبر قصير أو تغطية محدودة, ولكن يموت مطرب مشهور يصبح عناوين الصحافة المحلية والدولية وتغطيات القنوات الفضائية وهاشتاقات مليئة بالتعليقات، لأنه - ببساطة - يمثل حدثاً مثيراً.
لهذا المسرح عليه أن يصنع حدثاً مهماً، أن يكون مثيراً، أن يكون ملفتاً، أن يكون ذكياً، حتى يكون محط أنظار الإعلام: فلاشات وكاميرات وقنوات تواصل، وهذا المهمة يتحملها المسؤولون في المؤسسات الثقافية، فهم الذين يملكون الميزانيات ويملكون القرار، وإن لم تستطع فعليها أن تبني بيئة عمل (تمكن) المسرحي السعودي من العمل والتحرك بحرية على مستوى الأفكار وعلى مستوى الاستثمار وعلى مستوى الشراكات.
المسرح يجب أن (يُمَكّنْ) كصانع حدث، سواء المسرحيين الممارسين للعملية المسرحية، أو المسؤولين في مكاتبهم، عليهم أن تكون لديهم مهارة صناعة الأحداث المسرحية، والذكاء الكافي، والمرونة، والحيوية، التي تجعل من المسرح على كل لسان.
أما الإعلام فلا تبع منطقة خاملة، المشكلة فينا.