أحمد المغلوث
منذ تأسست الولايات المتحدة الأمريكية عام 1776م لم يحدث أن جرى إغراق العالم (كل العالم) في انتخاباتها لانتخاب الرئيس الـ46 بمثل ما حدث مؤخرًا، ولأيام عدة. وعلى مدى عقود لم يحدث هذا الزخم في إعداد الساعين لعملية التصويت لمرشحهم الرئيس السابق «دونالد ترامب» والرئيس بايدن الذي فاز في هذه الانتخابات التي كانت - والحق يقال - حامية «الوطيس».
كانت معركة، وُظفت فيها مختلف وسائل الدعاية والإعلام على مختلف أنواعها وأشكالها، خاصة المرئية المبهرة والمثيرة؛ فهي تبث ما يتحدث به المرشح مباشرة مستخدمًا قدراته البلاغية والتأثيرية، حتى لغة الجسد كان لها حضور لافت. كل هذا جعل من المتابعين لفيلم الانتخابات الطويل، الذين تجاوزوا عشرات الملايين لكلا المرشحين، يشاهدون البث المباشر الذي - والحق يقال - كان مملاً، وهم متسمرون في مقاعدهم، بل حتى على أسرّتهم؛ فالآلاف ناموا وهواتفهم بين أيديهم يشاهدون ما يحدث لحظة بلحظه.. بل الآلاف أيضًا ناموا في شوارع المدن الأمريكية الكبرى حاملين الأعلام الأمريكية وعلمَي المرشحَين.. وكان الخوف يسيطر على الشعب الأمريكي خوفًا من أن يحدث ما لا تُحمد عقباه لو خسر هذا المرشح أو ذاك.
وبالمناسبة، كان لـ»استطلاعات الرأي» في هذه الانتخابات حضورها اللافت، بل المثير. والعجيب أن الرئيس ترامب ذكر في الشهر الماضي أنه لا يصدق «استطلاعات الرأي»، بل إنه أكد أكثر من مرة خلال معركة الانتخابات أنه لا يؤمن بها. ولا شك بعد هذا أن هناك جاذبية «مغناطيسية» جذبت ملايين المواطنين الأمريكيين لمتابعة برامج استطلاعات الرأي التي كان لها تأثيرها، حتى أن بعض شركات المراهنات، وحتى الأفراد، طرحوا «رهانًا» لمعرفة من يفوز ويحقق الانتصار على الآخر، كأن المرشحَين في حلبة «ملاكمة»، وأحدهما سوف يسقط بالضربة القاضية.
ومن المعروف لخبراء الإعلام وغيرهم أن ما يدور في استطلاعات الرأي يشكل نقطة تحول وتأثير كبير.. وهذا ما حدث بالفعل في هذه الانتخابات (المعركة)؛ إذ سقط ترامب في الجولة الأخيرة بضربة قاضيه من منافسه «بايدن» بعدما حقق أرقامًا خيالية، ليست بعيدة عن الأرقام التي حققها ترامب.
وماذا بعد؟ سوف ننتظر لنرى ماذا سيفعل الرئيس الجديد «جون بايدن» لبلاده والعالم.