منذ ظهور الأحلام الإيرانية في مطلع تسعينيات القرن الـ20، وبعد أن اكتمل مشروعها لتأسيس حزب الله اللبناني الذي حارب بالوكالة عنها إسرائيل في جنوب لبنان 2006 ولم تنجح حربها بالوكالة، شرعت في الهيمنة الناعمة على الدول العربية وزرع خلايا مذهبية نائمة وفعالة ومنها السودان.
وفي ظل ذلك التماهي مع الاستراتيجيات الإيرانية تعمق الشقاق بين الدول العربية وأظهرت دول المحورموقفا ثابتاً لإلقاء التبعة على بلدان عربية والأخذ بسياسة (تلازم المسارات) التي التزمها الحليف السوري لإيران، وقامت إيران بتصعيد خطير ضد مصر، ولم تكتف طهران باستخدام حركة حماس الفلسطينية إحدى الفصائل الإيرانية قلباً وقالباً، وزرعت إيران فيها المذهبية الشيعية ونتاجها قتل الفلسطيني بيد الفلسطيني الحمساوي الذي عين نفسه قاضياً على الأرض الفلسطينية، وتعتقد حماس أن الفلسطيني والمواطن العربي من البلاهة بمكان في تصديق قوة حماس الخارقة لتحرير فلسطين التي كانت تتحرش بإسرائيل لتقوم الآلة العسكرية الإسرائيلية بالدفاع عن ذاتها والضحية الشعب الفلسطيني في (غزة) مسقط رأس الأفعى الإيرانية حماس، وما إن تتوالى القارات الإسرائيلية وعندما تصل إلى بيت العقارب الحمساوية تهرول حماس للدولة المطبعة مع إسرائيل بشجاعة والتي استعادت أرضها كاملة بلا قطرة دم جمهورية مصر العربية، فكانت تنتقل على الفور الدبلوماسية المصرية إلى إسرائيل أو في عدة مرات تستدعيها بحكم السلام والتطبيع بين مصر وإسرائيل، وكانت مصر توقف نزيف الدم والدمار الفلسطيني نتيجة السلام ولغة الحوار بين البلدين، وفي كل مرة تفتعل حماس الحرب، وفي الضربة الأولى يسقط الشعب الفلسطيني أطفالاً ونساءً وشيوخاً ضحية لذلك، وما إن تسارع حماس باللجوء إلى مصر لعتق رقابهم مما فعلته أيديهم بالشعب الفلسطيني، وكان السلام والتطبيع المصري الإسرائيلي أحد طوق النجاة للشعب الفلسطيني، بلغة الحوار وإحلال السلام، فكانت العوامل الجيوسياسية وليست الأيدلوجية التي تحكم العلاقات لنزع فتيل الحرب، ويفسر ذلك معارضة طهران الدائمة لأي تسوية بين العرب وإسرائيل.
إلا أن الصورة وضحت بعد عام 1991م حين سعت الولايات المتحدة إلى سلام بين العرب وإسرائيل، وعمدت إيران إلى تفعيل خلاياها النائمة في فلسطين لإطلاق سلسلة من العمليات الانتحارية داخل إسرائيل بهدف عرقلة عملية السلام.
وهذه هي إيران الحلقة الأضعف في القوة العسكرية زرعت الفتن والأذرع المسمومة في تنفيذ مخططاتها الشيعية المتطرفة، وظهر ذلك جلياً عندما أرسلت إيران لأمريكا رسالة إلى البيت الأبيض بعد تحرير الكويت تعلن فيها عن استعدادها لتقديم (تنازلات كبيرة) لاستباق أي حرب أمريكية على إيران.
وقد أظهر الحزب الإيراني في لبنان بزعامة نصر الله الذي شن أكثر من مرة هجومه في كلمات مبتذلة على مصر وعلى الدول العربية التي لم تستطع إيران اختراقها أو تجييشها، لذا أعُدّت حماس وما تسمي نفسها بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية لتنفيذ مؤامرة استدراج إسرائيل للحرب على غزة لتكون الوسيط بين إسرائيل وحماس ليعطوا أنفسهم الشرعية في قيادة ما يسمى تحرير فلسطين، وكانت الدولة المصرية المطبعة للسلام مع إسرائيل هي حلقة الوصل والاتفاق والهدنة، وكانت حماس ترى فيها طوق النجاة ولم تستطع حماس أو السلطة الفلسطينية التجرؤ على تخوين مصر أوقلب الحقائق وأن مصر تحارب وتدافع عن فلسطين بلغة السلام الناجحة والأقوى والتي حررت بها أراضيها كاملة، واليوم يخرج علينا تخوين الإمارات والبحرين والسودان في معاهداتهم للسلام مع إسرائيل علماً أنه لا يوجد خلاف أصلاً أو حروب أو حدود، ولكنها كانت دولاً فطنت للمخطط الإيراني الهزيل الذي ينبح من الخلف ويرمي بأنصاره في المقدمة.
فكيف لحماس وغيرها من البحث عن التهدئة والهدنة والسلام مع إسرائيل وإيقاف الحرب على غزة، وكيف تتعامل مع من يحقق السلام، ولن يكون هذا السلام إلا درعا واقيا للفلسطينيين بموجب العلاقات السياسية والدبلوماسية مع إسرائيل ولن تقبل هذه الدول أو غيرها أي ظلم على الفلسطيني ما دامت على علاقة طيبة بإسرائيل، ولم تجرؤ حماس بالتطاول على مصر أوسيادة مصر في علاقاتها بإسرائيل كما فعلت مع الإمارات والبحرين والسودان، وكذلك لخشية انقطاع مصالحها مع مصر، دولة السيادة والقوة وحدود مع غزة. انكشفت إيران دون أن تعتقد أنها مكشوفة، وعندما انكشفت للعالم وكُشِف أذنابها المذهبيون في العراق وحزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين وحركة الحوثي الغادرة في اليمن لتمزيق الدول العربية، وكانت هذه الحركات والأحزاب أداة لتأجيج الصراع العربي الإسرائيلي لتحقيق مصالحها الخاصة التي تجمع وتصب في مصلحة (الدولة الخمينية).
وبذلك ابتعدت حماس وانحرفت عن أي مشروع يحقق العيش الكريم للمواطن الفلسطيني، وكانت بتحالفها مع بعض من لهم مصالح من قيادات السلطة، وكلما اقتربت السلطة الفلسطينية من الاتفاق مع إسرائيل- قبل الدول العربية- ومنذ سنوات طويلة تقوم بافتعال استفزاز لإسرائيل لتهاجم الأراضي الفلسطينية، وليبقى الحال على ما هو عليه، بل للأسوأ، وكانت في كل مرة تخشى حماس من تمادي الحرب وطولها فتلجأ لدول السلام مع إسرائيل لتحقق السلام لذاتها وبقائها حفاظاً على كراسيها ومناصبها وحفاظاً على بقاء ونجاح المخطط الإيراني.
وسأثبت للقارئ العربي الكريم والمواطن الفلسطيني المظلوم من قيادتها ومؤامراتها مثالاً واضحاً وضوح الشمس بأن حماس نقضت معاهدة السلام الفلسطينية - الفلسطينية، الخاصة بحقن الدماء الفلسطينية - الفلسطينية في قمة مكة المكرمة برعاية المملكة العربية السعودية ولإحلال السلام الداخلي في فلسطين، وما إن انفض المؤتمر وبعد القسم على كتاب الله بجوار الكعبة المشرفة حتى انقسموا على بعضهم، وفي خلال أسابيع من العودة من مكة احتلت حماس غزة وقتلت من الفلسطينيين ما لم تقتله إسرائيل على مدى كل الحروب، وكانت كل تلك الحروب مفتعلة ليبقى الاحتلال ورفض السلام الذي يحقق للمواطن الفلسطيني العيش الكريم والاعتراف به كمواطن مسالم حول العالم إلا أنهم أبوا ذلك ووضعوا فلسطين والمواطن الفلسطيني في أسوأ حالاته.