د. عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
هناك طريق وعر أمام تعافي أسواق النفط، وهناك استطلاعات أن النفط الخام سيحوم في نطاق 40 إلى 45 دولارا لبقية العام 2020 بسبب الموجة الثانية لكورونا، ليس هذا مقتصراً فقط على النفط بل أيضا هناك قلق فيما يتعلق بتغير المناخ، إذ يعتبر 2020 العام الأسخن منذ بدء تسجيل حرارة الأرض قبل 141 وحتى منتصف سبتمبر 2020 سجلت أدنى انحسار لرقعة الجليد البحري في القطب الشمالي بعد الرقم القياسي في 2012 بفعل الرياح المتغيرة والذوبان في نهاية الموسم.
رغم تعهد الدول في اتفاقية باريس المناخية بخفض الانبعاثات للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث التزمت بهدف طموح لا يجعل حرارة الكوكب أعلى من عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل النهضة الصناعية، لكن تركيزات الكربون في الجو تؤكد أنها لم تقترب بعد من المسار الصحيح لتحقيق هذا الهدف، حيث يبلغ تركيز أكسيد الكربون في الجو حاليا نحو 414 جزءا في المليون بزيادة تبلغ 48 في المائة عن تركيزه في سنة 1850 وهي تمثل ما حدث بشكل طبيعي خلال 20 ألف سنة عندما ارتفع التركيز من 185 إلى 280 جزءا في المليون في 1850.
فالتباطؤ الاقتصادي بفعل جائحة كورونا رغم أن القيود ساهمت في تقليل التركيز لكنها غير كافية، وأنها تحتاج إلى سياسات حاسمة تتضمن تغييرات تكنولوجية أساسية في قطاعي الطاقة والنقل استجابة لشعار الأمم المتحدة متحدون في مجال العلوم 2020.
ترفض السعودية أن تكون جزءا من المشكلة كما يود البعض وضع السعودية فيها، لكن تود السعودية أن تكون جزءا من الحلول، بل تود السعودية أن تكون قائدا أو من قادة العالم في إيجاد الحلول، وبحكم قيادة السعودية مجموعة العشرين في 2020 قادت أعمال قمة المجتمع المدني بين السادس والعاشر من أكتوبر 2020 بحضور أكثر من 20 ألف مشارك من 109 دول حول العالم طالبت العالم بدراسة جميع خيارات الحد من الانبعاثات.
الاستغناء عن النفط والغاز احتمال غير واقعي، والسعودية تشيد محطات للطاقة الشمسية لأنها ستقود أسواق الكهرباء في العالم بحلول 2022 لإتاحة مزيد من النفط والغاز للتصدير لأن السعودية تركز على أمن الطاقة بسبب أن المؤشرات المستقبلية بعيدة المدى لأسواق النفط والغاز تبدو قوية للغاية، حيث من المتوقع أن يرتفع الطلب إلى 109 ملايين برميل يوميا خلال الـ25 عاما القادمة لمواكبة نمو الاقتصاد العالمي، وهو ما جعل إكسون موبيل باقية على خططها في التنقيب عن النفط.
أنشأت السعودية مدينة الملك سلمان للطاقة سبارك ووقعت مع 20 شركة دولية ومحلية للاستثمار في الصناعة والخدمات التي لها علاقة بالطاقة والتنقيب والتكرير والمعالجة والطاقة الكهربائية والبتروكيماويات وغيرها، وتعمل أرامكو على 5 مجالات لخفض الانبعاثات بينها الوقود الكيميائي وابتكار أنظمة المحركات للوصول إلى وقود نظيف.
تنظر السعودية إلى أن تكون الاستثمارات واسعة النطاق ومتوازنة، وجزء من هذه الاستثمارات يستهدف الطاقة المتجددة، والمشاريع المتعلقة بالمناخ، والاقتصاد القائم على التدوير، وموارد الطاقة القابلة للاستخدام التي ستكون جزءا من مجموعة مصادر الطاقة العالمية على مدى عقود مقبلة.
لذلك قادت السعودية اجتماعا عالميا لتسريع الابتكار على مدى العقد المقبل ومستقبل التعاون الدولي في هذا المجال، فضلا عن تسريع الانتقال نحو طاقة نظيفة، وأقرت منصة عالمية للاقتصاد الدائري الكربوني، وطالبت بإعادة استخدام الانبعاثات وتحويلها إلى لقيم صناعي، وصدرت أرامكو أول شحنة في العالم من الأمونيا الزرقاء لاستخدامها في توليد الطاقة الخالية من الكربون.
رغم ذلك يؤكد الخبراء أن انخفاض أسعار النفط لا يشجع على الانتقال إلى الطاقة البديلة والقواعد الدولية غير محفزة.
** **
- أستاذ بجامعة أم القرى بمكة