عطية محمد عطية عقيلان
التخفيضات من الممارسات التجارية المهمة التي يلجأ إليها التجار في أغلب المجالات، ويختلف الهدف منها بحسب النشاط والمجال التجاري، بين الترويج إلى افتتاح فرع أو طرح منتج جديد أو من أجل التخلص من تكدس البضائع وتخفيف الخسارة بتخفيضات بأقل من التكلفة في بعض الأحيان، وتعود قصتها إلى ما حدث في الأزمة المالية عام 1869م في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ضعفت القوة الشرائية وتكدست البضائع وتوقفت حركة البيع والشراء مما سبب كارثة اقتصادية كانت أحد حلولها الرئيسية عمل تخفيضات لتخفيف الخسارة بدلاً من تكدس البضائع، وتم عمل يوم لها وسمي بالجمعة السوداء (black Friday)، وأصبحت منهجًا تجاريًا فعالاً رغم الخسارة الظاهرية، لأن مجرد التخلص من هذه البضائع المكدسة فيه ربح وتعويض بدل الخسارة الكلية، بل إن كثيرًا من المتسويقين تغريهم التخفيضات للشراء لرخص ثمنها ويشتري أشياء لا يستخدمها ولكنه خلص التاجر من تكدسها لديه. وأصبحنا نشهد تخفيضات في المجالات كافة حتى المطاعم تقدم عروضًا ووجبات مجانية، هدفها جذب الزبون للتجربة حتى ولو على حساب الخسارة أو انعدام الربحية طمعًا في كسبه وتحويله إلى عميل دائم وترسيخ مبدأ الاستهلاك والشراء لديه.
لذا نحن بحاجة إلى الاستفادة واستخدام هذا المبدأ التسويقي وتطبيقه في حياتنا وعلاقاتنا ولو كانت في البداية خسارة بيِّنة إلا أنها مع الأيام نوقن أنها حققت ربحًا وفائدة، لأننا تخلصنا من منغصات محبطة ومعيقة ولم نكدسها ونتغاضى عنها لأنها مع الأيام والسنين تأخذ حجمًا ومساحة كبيرة فيها وبدون أي مردود مفيد بل أحيانًا تكون طاردة لكل جديد أو محفز أو مطور لنا.
- لنجري تخفيضات موسمية للعلاقات المؤرقة والمتعبة والمتشائمة والسوداوية والمضرة صحياً في حياتنا ونحاول أن نقدم أعلى تخفيض لهم ليغادروا حياتنا لتجنب الخسائر لوجودهم.
- لنبدأ عملية تخفيض تزيد كل سنة لاستهلاكنا من الطعام والحلويات والتخلص من الضار في صحتنا أو على أقل تقدير نخفضه لأقل نسبة ممكنة مع التوجه والاستثمار في العادات الصحية والرياضية والترفيهية.
- لنخفض من حدة سلوكنا وآرائنا ونستخدم فيها الحكمة والعقل بمزيد من القراءة والاطلاع ومتابعة ما يطور سلوكنا ويرتقي به ونخفض إلى الحد الأدنى كل ما يزيد عنادنا وقسوتنا وتشاؤمنا.
- لتكن هناك تخفيضات دورية على ما نتابعه في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة ويؤثر سلبًا في سعادتنا وحياتنا ونبتعد عن متابعة الخلافات والقصص فيها ولنحول فائض الوقت في تقوية العلاقات الأسرية ومع الأصدقاء الإيجابيين وممارسة الرياضة وقراءة ما يضفي متعة وجمالاً على أوقاتنا.
فلنعتمد مبدأ التخفيض الدوري في مختلف جوانب حياتنا خاصة في ردات فعلنا السريعة وتصبح كعادة في التخلص من السلبي في الناس والسلوك ونبحث عن كل ما هو إيجابي ومربح وفعال لتطوير أنفسنا ومنحنا السعادة والصحة ونحرص على عدم تكدس العلاقات والسلوك حتى لا تكون الخسارة مستمرة، حتى في الطب يستخدم البتر عند تهديده لباقي الجسم حفاظًا علي بقيته ويكون مفيدًا لباقي أعضاء الجسم من ضرر وفساد العضو المبتور، فالتخفيض في علاقاتنا أو سلوكنا أو ردات الفعل ينتج عنه مزيد من الربح والسعادة والإنجاز أو على أقل تقدير نحظى بعلاقات سوية مفرحة وفعالة بعيداً عن محاولة إرضاء الجميع والاعتبار لرأيهم ومجاملتهم على حساب وقتك وصحتك، بل أبحث عن ما ينفعك في كل مناحي حياتك، وكما قال الحسن بن علي «أحرص على ما ينفعك ودع كلام الناس، فإنه لا سبيل إلى السلامة من ألسنة العامة».