خالد بن حمد المالك
انتهى السباق بين ترامب وبايدن ووضعت الانتخابات (لا الحرب الكلامية) أوزارها، بما لا طائل من كلام قد يُقال بعد الآن، فالبيت الأبيض سوف يضيء أنواره للرئيس جو بايدن رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية، إثر خسارة الحزب الجمهوري ممثلاً بالرئيس ترامب فرصة الفوز في هذه المنافسة، بعد جدل وجدل مضاد لمن سوف يستحوذ على أكثرية التصويت الشعبي، وبالتالي أكثرية أصوات المجمعات الانتخابية.
* *
أجل، لقد حُسمت المعركة الانتخابية الكبيرة لصالح الرئيس جو بايدن، وبالتالي توقف نبض الشارع الانتخابي بعد أن تم الإعلان عن اسم الفائز، وبذلك صدقت الاستطلاعات والترجيحات المسبقة مع ما آلت إليه النتائج، وكان الصوت الإعلامي حاضراً في أجواء هذا التنافس الحاد، بل إنه كان محركه وصانعه والمؤثر فيما كان عليه من زخم وما انتهى إليه من نتائج.
* *
خرج المرشحان ترامب وبايدن عن النص بعدم التزامهما بالتقاليد الانتخابية الأمريكية المعتادة، فكال كلٌّ منهما تهماً للآخر: التشكيك في القدرات، والاتهامات في النزاهة، بما جعل الجمهور الناخب، ووسائل الإعلام، ومؤسسات الاستطلاعات المسبقة المرجِّحة لهذا أو ذاك تنساق مع هذا الجو الملبَّد بغيوم سوداء وبما لا يصح أن يُقال من كلام.
* *
كانت الانتخابات مباراةً من نوع آخر، وسباقاً غير مسبوق، وتنافساً حاداً، وعملاً واستعداداً جدياً مثيراً من الجانبين، وقد استخدم كلٌّ منهما أسلحته الكلامية والبلاغية في التأكيد أمام الناخب على أنه الأكفأ والأقدر والرجل المناسب في المكان المناسب لزعامة أمريكا، بل ولزعامة العالم كله، وظل الشعب الأمريكي يحبس أنفاسه بانتظار الإعلان عن تسمية رئيسه للسنوات الأربع القادمة إلى أن تم الإعلان عن ذلك.
* *
وكان العالم كله مشدوداً من جانبه، يتابع هذا السباق الرئاسي المحموم وغير المألوف في دول أخرى، يتابعه لحظة بلحظة، وكل متابع كان يتحدث بحسب قناعاته ووفق ما يراه لتعزيز موقعه الانتمائي، وانحيازه وتمنياته لفوز هذا المرشح أو ذاك.
* *
وما من شك أن إيجابيات هذه الانتخابات كانت أكثر من سلبياتها بديمقراطيتها وحريتها - وإن صاحبتها لغة التحدي الكلامي غير الموضوعي بين المرشحين -، وأن القواعد التي بُنيت عليها هذه الانتخابات قد استندت على آلية تمنع أي خطأ عند فرز الأصوات، وتحول دون أي اختراقات تمس سلامتها، فالشعب الأمريكي بمؤسساته يتابع ويراقب ما يجري، ويرصد كل الحالات، ولا يغيب عن أنظاره أي أخطاء تؤثر وتمس سلامة ومصداقية ونزاهة الانتخابات الأمريكية، وإن حدث شيء من هذا فسيكون في أضيق نطاق.
* *
على أن حق الاحتجاج أمام المحكمة العليا أو على مستوى أي ولاية متاحٌ للمرشحين للفصل في الملاحظات الانتخابية، بل وفي نتيجة الانتخابات، وفي أي دعاوى قضائية أخرى على تعداد الأصوات، وما إلى ذلك لمن يرغب أي من المرشحين الطعن في أي أخطاء أو تجاوزات قد تكون سبباً في خسارته كسب التصويت الشعبي وصولاً للفوز بالرئاسة الأمريكية، وهو ما كان متوقعاً - وقد حدث - قبل إعلان النتائج النهائية، بفوز جو بايدن.
* *
وبالنتيجة، فأمريكا هي أمريكا، بهذا الرئيس أو ذاك، ومن خلال سيطرة هذا الحزب أو ذاك، أمريكا دولة عظمى، بحزبيها الديمقراطي والجمهوري، وبكل رؤسائها السابقين واللاحقين، وبمؤسساتها ونظامها، بل بشعبها العظيم الذي صوت منهم أكثر من 150 مليون ناخب لاختيار زعيمه وزعيم الولايات المتحدة الأمريكية والعالم للسنوات الأربع القادمة.