فهد بن جليد
الموظفون -غير المرئيين- في بيئة العمل هم أكثر المستفيدين من موجة (العمل عن بُعد)، فقد سنحت لهم فرصة حقيقة ليظهروا خلال الـ(8 أشهر) الماضية قدرة أكثر على حفظ حقوقهم ومنجزاتهم، لأنَّ العمل -ببساطة- بات موثقاً، فالمستندات وطريقة التراسل والتخاطب مع الإدارة الأعلى تحفظ حجم الإنجاز وقدرته، بعكس ما يحدث أيام العمل العادية في المكاتب والتي كانت الجهود فيها عرضة للسرقة والضياع ونسبتها للمدير، بإخفاء جهود هؤلاء رغم ما يملكونه من إبداع وقدرة على الإنجاز.
المديرون أكثر الخاسرين من (العمل عن بُعد)، فقدوا مكانتهم الحسيَّة بوجود فرق العمل من حولهم، ما كان يمنحهم المكانة اللائقة، والأهمية المستحقة لوضعهم الوظيفي، كما فقدوا سلطة الأمر والنهي والتوجيه وفق بروتكولات وظيفية، وباتوا مجبرين على التعامل المباشر مع منجزات مُحدَّدة لا تسمح بمزيد من الحوارات واللقاءات التي يعبِّر فيها الموظفون عن المشاعر، بل نافذة (أون لاين) متساوية مع الجميع، يمكن فيها للموظف الأقل حظاً طرح الفكرة أو الحل مباشرة أمام الآخرين، دون الحاجة لطرق الكثير من الأبواب، وتجاوز العديد من العقبات لإيصال ما لديه أمام الجميع، لذا تبدو القاعدة مختلفة.
«بلومبيرج» نشرت مؤخراً دراسات وتعليقات مختصين تظهر نتائج وسلبيات (العمل عن بُعد) خلال الثمانية أشهر الماضية التي شهدت إغلاقاً عالمياً، الشعور بالوحدة مؤذٍ خصوصاً إذا كان الموظف يمتلك زملاء عمل حقيقيين، ارتداء الملابس صباحاً والذهاب يومياً إلى مقر العمل حياة أخرى، ما لم يتطرق إليه المختصون في تعليقاتهم هو ضرورة الاستفادة من (تجربة العمل عن بُعد) للاستعداد لنهاية الطريق، واليوم الأخير في الوظيفة عندما تبدأ رحلة جديدة، تتسبَّب بأضرار وآثار نفسية وصحية ومالية أكثر، لأنَّ الموظف ببساطة لم يستعد لهذا الموقف، تماماً كما حدث مع لحظة الانتقال للعمل عن بُعد، وما صحابها من موجة استغناء وتسريح موظفين على مستوى العالم.
وعلى دروب الخير نلتقي.