مها محمد الشريف
يسعى العالم لتحقيق تقنية جديدة في عصر ثورة المعلومات والكميات الهائلة من البيانات، أكثر بكثير مما شهدته الإنسانية في تاريخها. وبفضل هذا التطور في جميع المجالات كان - وما زال - للرعاية الصحية أولوية وتطور كبير. ونطاق تفاعلنا مع هذا الأثر اليوم تفرضه التحديات التي لم يكن متوقعًا حدوثها، وربما أسهمت في بيان الوضع الحالي مع انتشار جائحة كورونا كوفيد19. وتوجد هنا أصداء لمنتدى عالمي، قام في الرياض، نظمته الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني بالتعاون مع الأمانة السعودية لمجموعة العشرين، وشارك به مجموعة من الخبراء.
يُذكر أن هذا المنتدى هو جزء من برامج المؤتمرات الدولية المنعقدة على هامش عام الرئاسة السعودية لمجموعة العشرين، الذي يناقش أهم المواضيع الصحية على المستوى العالمي، بالمفهوم التقني الدقيق؛ لتكون كلمة وقاية في الوقت الراهن قبل اعتماد لقاح للفيروس لها دور كبير في الحد من التعرض للإصابة.
يمكننا أن نحدّد هذا الموقف بأن الوعي يتوافق مع الظروف، وأن تكون أساسًا لأي تجارب أو جهود نقدمها كنقطة انطلاق للبحث الذي ينفع العالم، وهذا يعتبر من الميزات للدولة التي تنظم مثل هذا المنتدى العالمي للأبحاث، وتجعله كمنصة لمعرفة مستجدات التجارب السريرية لكبريات الشركات المصنعة للقاحات كوفيد -19 حول العالم التي لم يتم طرحها في مؤتمرات علمية سابقًا، وهو - بلا شك - فرصة للجميع للحضور والاطلاع على هذه المستجدات من الشركات المنتجة مباشرة، المختصة بالوبائيات والأحياء الدقيقة.
سأعبّر عن هذا الموضوع بطريقة أقرب للتقرير عطفًا على ما جاء في المنتدى، وهو في الحقيقة الواقع الفعلي؛ لأن هناك ميلاً قويًّا يدفع الناس لمعرفة النتائج أكثر من المعلومة الطبية أو ما سبقها من خطوات. ربما أكون هنا أكثر اتساقًا، وهم أكثر منطقية؛ وهو بالتالي طريقة ضرورية للكتابة عن أحد المكونات التي تدار بصفة رئيسية من قِبل الهيئات الصحية المركزية والإقليمية والمحلية. علمًا بأن الإنسان المعاصر أصبح يستفيد مما ينتجه.
وكذا متخذو القرارات السياسية على أصعدة النظام الصحي كافة، أهم ما يميزهم مضاعفة الجهد ليجعلوا كل شيء ممكنًا وضروريًّا، وصولاً إلى ضم نخبة من الخبراء العالميين في مجال تطوير اللقاحات، وعدد من المتخصصين في هذا المجال يُقدر بـ32 من مؤسسات أكاديمية وبحثية عالمية عدة. وقد أعطى هذا المنتدى انطباعًا إيجابيًّا، وحصر رؤيته في الطب والمرض وسياق واسع من العوامل البيئية المتعلقة بأسلوب الحياة، وركز على كوفيد 19؛ ومن ثم فإن العالم يسير نحو تحليل أكثر ارتباطًا بالواقع المادي للطريقة التي تنظم بها الأفكار في عصر أسدت فيه الآلية الصناعية خدمة للإنسان بتخليصه من المهام الصعبة، وذلك سوف يغذي الدراسات الكيميائية الحيوية والوبائية، وإمكانية تحسين وسائل علم الأوبئة التي تشير إلى الانتقال من مرحلة الملاحظة والتبصر إلى التحليل والوصف الكمي للأمراض على مستوى المجتمعات السكانية؛ ليكون في مقدمة الاهتمامات المجتمعية، متقدمًا على باقي الاهتمامات الصناعية أو المالية أو الأيديولوجية التي يصحبها ثورة ميدان العلوم.
منذ ثمانينيات القرن العشرين تعرّف الإنسان لأول مرة على تسلسل جينات الجينوم الفيروسي بأكمله، وصارت هذه تقنية روتينية، توفر لنا معلومات ثمينة لتصنيف الفيروسات. ومع ظهور تلك التقنيات الحديثة في التعرف على الفيروسات قطعت عملية الاكتشاف شوطًا طويلاً في البحث عن الأسباب، وتأخر لقاح للفيروس، والحد من انتشار العدوى في الموجة الثانية، ومعالجة أزمة الوعي التي تسببت بعودة كورونا.
ونتيجة لذلك فإن حجم الانتباه والتوتر معًا ازداد بدرجة ملحوظة خلال انتشار كوفيد19 في العالم. وقد وُضعت في العديد من البلدان بروتوكولات للوقاية من تلك الجائحة، والآثار السلبية التي تؤثر على أصحاب الأمراض المزمنة، والفئات الأكثر عرضة للمرض، وتمكين الجميع من المشاركة في اتخاذ الاحتياطات اللازمة، ومعدلات نجاح متباينة بإجراء وقائي أو علاجي ما. ومن الممكن أن يتحقق ذلك إذا وُضعت النتائج في سياقها الصحيح، وتعاون المجتمع مع التعليمات والإرشادات الصحية وفي النتائج الجديدة التي تردد صداها في المنتدى الحادي عشر للأبحاث، بحضور ممثلي الشركات المطورة والمنتجة لهذا اللقاح، للتوصل إلى ما يطمح له الجميع؛ لكي تنتهي الأمراض التي تصنع الرعب، ويتم القضاء على نشأة الفيروسات التي تعود إلى زمن بالغ القدم.